ناسخ الحديث ومنسوخه - عمر بن شاهين - الصفحة ٦٥
من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو يتبرأ من عهدة الحديث بذكر سنده، وقد سبق وأشرت إلى ذلك، وقد وفق في جمع هذه الأحاديث المتعارضة إلى حد كبير، إذ لا يخفى على متخصص أن هذا الأمر هو من الصعوبة بمكان، إلا أنه في بعض الأحيان لا يلتزم بهذا المنهج، فأحيانا يأتي بأحاديث في باب، ولا يأتي لها بمعارض، كما أنه أحيانا يسوق الحديث، والحديث المعارض، ثم يعارض هذا الحديث المعارض بمعارض آخر.
انظر على سبيل المثال كتاب الصيام - باب في الحجامة للصائم. وأحيانا لا يكون بين أحاديث الباب أي تعارض، لكنه يسكت عن ذلك ولا ينفيه، كما أنه في بعض الأحيان، يأتي بالمتعارض من أقوال الصحابة - رضي الله عنهم - وأخبارهم، انظر على سبيل المثال: باب استعمال النعش للميت، وباب في مولدة صلى الله عليه وسلم، كما يأتي - أحيانا - بالمتعارض من الأخبار المحضة، التي لا تشمل الاحكام، انظر على سبيل المثال: باب في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه.
ورتب كتابه على الأبواب الفقهية، لكنه لم يعنون هذه الأبواب بالعناوين التي تدل على موضوع كل باب، وإنما اكتفى بقول: (حديث آخر)، (الخلاف في ذلك)، (الحديث في نسخ ما مضى من الأحاديث)، (حديث آخر مما نسخ)...
وهكذا، ونادرا ما يقول: باب كذا، وحتى الأبواب التي عنونها فإنه عنونها في بعض الأحيان بعناوين لا تعبر على موضوع الباب بدقة، الأمر الذي دفعني إلى تبويب ما لم يبوبه. وأحيانا يؤخر عنوان الباب ولا يقدمه، انظر على سبيل المثال: باب الوضوء مما مست النار، وباب النهي عن سب تبع الحميري. وأحيانا يكرر تخريج الأحاديث في أكثر من باب، مثال ذلك من كتاب الطهارة - باب الغسل من غسل الميت، فقد كرر تخريج أحاديث هذا الباب في كتاب الجنائز، نعم قد تكون للأحاديث المكررة علاقة بالباب الذي أعاد تخريجها فيه - كما هو الشأن هنا. لكن في بعض الأحيان، يخرج الأحاديث في باب، ويكررها في باب آخر لا علاقة له تماما بتلك الأحاديث، مثال ذلك من باب الجنب ينام قبل الاغتسال، فقد أورد هذا الباب في كتاب الطهارة، لكنه عاد وكرره في كتاب الجامع، وهذا الكتاب لا علاقة له تماما بموضوع ذلك الباب، على العموم، الأحاديث المكررة في هذا الكتاب قليلة جدا، وقد أحصيتها وسيأتي الكلام عنها قريبا بإذن الله.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»