قال عمر فجئت تمشي قال نعم قال عمر أما كان لك أحد يتبرع لك بدابة تركبها قال ما فعلوا وما سألتهم ذلك قال بئس المسلمون خرجت من عندهم فقال له عمير اتق الله يا عمر فقد نهاك الله عن الغيبة رأيتهم يصلون صلاة الغداة قال فأين نصيبك وأي شئ صنعت فقال وما سؤالك يا أمير المؤمنين فقال عمر سبحان الله فقال عمير أما إني لولا أني أخشى أن اغمك ما أخبرتك بعثتني حتى أتيت البلد فجمعت صلحاء أهلها فوليتهم جباية فيئهم حتى إذا جمعوا منهم وضعته مواضعه ولو نالك منه شئ لآتينك به قال فما جئتنا بشئ قال لا قال أجدوا لعميرا عهدا قال إن ذلك لشئ لا عملت لك ولا لأحد بعدك والله ما سلمت بل لم أسلم ولو قلت لنصراني أي أخزاك الله فهذا ما عرضني له يا عمر وإن أشقى أيامي يوم حلفت معك يا عمر فاستأذنه فأذن له فرجع إلى منزله قال وبينه وبين المدينة أميال فقال عمر حين انصرف عمير ما أراه إلا خاننا عروبة رجلا يقال له الحارث وأعطاه مائة دينار فقال له انطلق حتى تنزل به كأنك ضيف فإن رأيت أثر شئ فأقبل وإن رأيت حالا شديدة فادفع إليه هذه المائة دينار فانطلق الحارث فإذا هو بعمير جالس يغلي قميصه إلى جنب الحائط فسلم عليه الرجل فقال له عمير انزل رحمك الله فنزل ثم سأله فقال من أين جئت قال من المدينة قال كيف تركت أمير المؤمنين قال صالحا قال كيف تركت المسلمين قال صالحين قال كيف تركت أمير المؤمنين قال صالحا قال أليس يقيم الحدود قال بلى ضرب ابنا له أتى فاحشة فمات من ضربه فقال عمير اللهم أعن عمر فإني لا أعلمه إلا وعطاء حبه لك قال فنزل ثلاثة أيام وليس لهم إلا قرصة من شعير كانوا يخصونه بها ويطوون حتى أتاهم الجهد فقال له عمير يا هذا إنك قد أجعتنا فإن رأيت أن تتحول عنا فافعل قال فأخرج الدنانير فدفعها إليه فقال بعث بها إليك أمير المؤمنين فاستعن بها قال فصاح فقال لا حاجة لي فيها ردها فقالت له امرأته إن احتجت إليها وإلا فضعها مواضعها فقال عمير والله ما لي شئ أجعلها
(٥٢)