الأحاديث الطوال - الطبراني - الصفحة ٧٦
فقال كان دخوله لنفسه مأذونا مأذون له في ذلك وكان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزء للهو جزء لنفسه وجزء لأهله ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس فرد فيرد ذلك على العامة بالخاصة ولا يدخر عنهم شيئا وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر وصلهم فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم فيما أصلحهم والأمة عن شئ سأمتهم عنه وأخبارهم بالذي ينبغي لهم يقول ليبلغ الشاهد الغائب وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته وإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع ابلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة لا يذكر عنده الا ذلك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون عليه روادا ولا يفترقون الا عن ذواق ويخرجون من عنده أدلة قال فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه الا مما يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم ولا ينفرهم ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه يتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس ويحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهنه معتدل الامر غير مختلف لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا لكل حال عنده عتاد لا يقصر عن الحق ولا يجوزه الذين يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة قال فسألته عن مجلسه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم الا على ذكر الله ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ويعطي كل جلسائه بنصيبه لا يحسب جليسه أن أحد أكرم عليه منه من جالسه أو قاومه في حاجة صابرة حتى يكون هو المنصرف ومن سأله حاجة لم يرد الا بها أو بميسور من القول قد وسع الناس منه بسطته وخلقه فصار لهم أبا وصاروا في الحق عنده سواء مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تثنى فلتأته متفاضلين متعادلين فيه بالتقوى متواضعين يوقرون الكبير ويرحمون الصغير ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»