فوجود الكتاب مع الحفظ من أرفع أقسام الرواية وأتقنها. قال ابن الصلاح:
السماع من لفظ الشيخ وهو ينقسم إلى إملاء، وتحديث من غير إملاء، وسواء كان من حفظه أو من كتاب وهذا أرفع الأقسام عند الجماهير.
وفي " تقريب النواوي ": إن من أرفع أقسام تحمل الحديث عند الجماهير سماع لفظ الشيخ، وهو إملاء وغيره من حفظه ومن كتاب.
فالمحاملي كان يجمع بين الحفظ وبين الكتاب، وهذا يعني أنه كان غاية في توثيق حديثه الذي يمليه، وهو منهج الأئمة الثقات.
وإنما كانوا يطعنون في رواية من لم يشتهر بالحفظ، وكان يحدث من حفظه من غير أن يكون له كتاب فيه أصل حديثه الذي يحدث، به، وقد وهم الدارقطني حاجب بن سليمان في روايته عن وكيع في حديث عائشة أم المؤمنين " قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ، ثم ضحكت ". قال تفرد به حاجب عن وكيع، ووهم فيه. والصواب: عن وكيع بهذا الاسناد " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم ".
وحاجب لم يكن له كتاب، وإنما كان يحدث من حفظه.
8. أما أوقات الاملاء فكان المحاملي يملي ثلاث مرات في الأسبوع، أيام: الأحد والأربعاء والخميس، نجد هذا مكتوبا في بداية بعض أجزاء هذه الأمالي، وفي بداية كثير من مجالسها.
هذا ما أمكن استخلاصه من هذا الكتاب من الأمور التي يمكن أن توضح لنا منهج المحاملي في " أماليه ".