مسند أبي يعلى - أبو يعلى الموصلي - ج ٢ - الصفحة ٥١٠
كنت أحدثكم أنه لو قد استقامت له الأمور، قد آثر عليكم غيركم. قال:
فردوا عليه ردا عنيفا. قال: فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
فجاءهم فقال لهم أشياء لا أحفظها. قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: " فكنتم لا تركبون الخيل " قال: كلما قال لهم شيئا قالوا:
بلى يا رسول الله. فلما رآهم لا يردون عليه شيئا قال: " أفلا تقولون قاتلك قومك فنصرناك، وأخرجك قومك فآويناك "؟
قالوا: نحن لا نقول ذلك يا رسول الله، أنت (1) تقوله، قال:
فقال: " يا معشر الأنصار ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وأنتم تذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: يا معشر الأنصار ألا ترضون أن الناس لو سلكوا واديا، وسلكتم واديا لسلكت وادي الأنصار؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. قال: " لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار. الأنصار كر شئ وأهل بيتي، عيبتي التي آوي إليها، اعفوا عن مسيئهم، واقبلوا من محسنهم ". قال أبو سعيد: فما علم ذلك ابن مرجانة عدوالله. قال أبو سعيد: قلت لمعاوية: أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان حدثنا أنا سنرى بعده أثرة؟ قال معاوية:
فما أمركم؟ قال: قلت: أمرنا أن نصبر. قال: فاصبروا إذا " (2)...

(١) في (فان): " إنما أنت ".
(٢) إسناده ضعيف لضعف عطية العوفي. وأخرجه أحمد ٣ / ٨٩ من طريق يحيى بن أبي بكير، بهذا الاسناد.
وأخرجه أحمد ٣ / ٦٧، ٧٦، ٧٧ من طريق ابن إسحاق قال: حدثني عاصم ابن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن أبي سعيد. بنحوه. وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه أحمد ٣ / ٥٧ من طريق إبراهيم بن خالد، عن رباح، عن معمر، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن الخدري.
وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " ١٠ / ٢٩ - ٣٠ وقال: " رواه كلها أحمد، وأبو يعلى، ورجال الرواية الأولى لأحمد - يعني ٣ / ٧٦ - ٧٧ - رجال الصحيح، غير ابن إسحاق، وقد صرح محمد بن إسحاق بالسماغ. وعن أبي سعيد وأبي هريرة - أحمد ٣ / ٦٧ - نحو ما تقدم باختصار. رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع ". وفات الهيثمي أن ابن إسحاق من رجال مسلم.
وفي الباب عن عبد الله بن زيد بن عاصم عند البخاري في المغازي (٤٣٣٠) باب: غزوة الطائف، ومسلم في الزكاة (١٠٦١) باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم على الاسلام.
وفي الحديث: إقامة الحجة على الخصم وإفحامه بالحق عند الحاجة إليه، وحسن أدب الأنصار في تركهم المماراة، والمبالغة في الحياء، وفيه مناقب عظيمة لهم لما اشتمل من ثناء الرسول البالغ عليهم، وأن الكبير ينبه الصغير على ما يفعل ويوضح له وجه الشبه ليرجع إلى الحق، وفيه المعاتبة والاعتاب بالحجة والاعتذار والاعتراف، وفيه علم من أعلام النبوة لقوله: " ستكون بعدي أثرة ". وفيه أن للامام تفضيل بعض الناس على بعض في مصارف الفئ وله أن يعطي الغني منه للمصلحة، وأن من طلب حقه من الدنيا لا عتب عليه في ذلك، وفيه مشروعية الخطبة عند الامر الذي يحدث سواء كان خاصا أم عاما، وفيه جواز بعض المخاطبين في الخطبة، وفيه تسلية من فاته شئ من الدنيا مما حصل له من ثواب الآخرة، والحض على طلب الهداية والألفة والغنى، وأن المنة لله ولرسوله على الاطلاق، وتقديم جانب الآخرة على الدنيا، والصبر عما فات منها ليدخر ذلك لصاحبه في الآخرة والآخرة خير وأبقى.
(٥١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 » »»
الفهرست