المفاريد عن رسول الله (ص) - أبو يعلى الموصلي - الصفحة ٧
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أما بعد.
فإن خدمة علوم الشريعة من أجل ما يقوم به العبد في زمن أعرض فيه السواد الأعظم من المسلمين عن ذلك، ومن أعظم ذلك العناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد قيض الله تبارك وتعالى في القرون الأولى من يقوم بحفظها وتدوينها، وتمييز ما كان منها مما لم يكن، على أيدي الجهابذة النقاد، فقاموا بذلك حق القيام، فرفعت بهم ألوية السنة، وخمدت نيران الفتنة والبدعة.
وبالرغم من عدم توفر وسائل النشر عندهم كتوفرها في عصرنا، إلا أنهم لما كان رجاء الآخرة مقصدهم، ورضاء ربهم أعظم مقصودهم، نشروا العلم والسنة، وقاموا بهما خيرا من قيامنا، وأدوا ذلك أحسن الأداء، ولم يقتصر نفعهم على أهل عصرهم، وإنما أرادوا أن يعم النفع من بعدهم، فصنفوا المصنفات في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفننوا في جمعها ونظمها، فذلك المجرد للصحيح دون ما سواه، وآخر ينزل عنه قليلا فيمزج معها الآثار، وآخر يورد السنن من غير فصل بين معلل وسواه، فمنهم مرتب على الأبواب، ومنهم مرتب على المسانيد، وآخر على أسامي الشيوخ، ومنهم معتن بجمع الأفراد والغرائب، ومنهم بجمع أحاديث شيوخ مخصوصين أو أحاديث أهل بلد مخصوص، ومنهم من يجمع كل ذلك أو جملة منه، وهكذا.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 5 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»