بين يدي الكتاب في البدء نقول: ان الاسلام دين الحياة، لم يترك لنا صغيرة ولا كبيرة الا وافصح لنا عن أمرها وحالها، وما يصلحها أو يفسدها من خلال قواعده الكلية المعروفة.
فمنهج الاسلام أصلح مناهج التشريع قديما وحديثا، وليس هذا بغريب، ولا بعجيب، فهي من لدن الحكيم الخبير.
هذا التشريع القيم ينقسم إلى معاملات، وعقائد، وآداب وسلوكيات ومرادها ان تبلغ بالانسان إلى السمو الخلقي، لان السمو الخلقي مطلب شريف منيف،، إذ الخلق قوام الحياة الفاضلة، وهو رأس الامر فيها، وقديما قال شوقي:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت * فان عن ذهبت أخلاقهم ذهبوا ولذا كان ثناء ربنا عز وجل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بمدح خلقه العظيم، فقال جل شانه:
* (وانك لعلى خلق عظيم) * (1).
ولقد ذكر لنا رسولنا - صلى الله عليه وسلم - ان من أسباب بعثته اتمام مكارم الأخلاق ، فقد قال:
" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " (2).
وهكذا يعلمنا الاسلام بتشريعاته القيمة، وسلوكياته الرفيعة ان الصفات الفاضلة المحمودة تكسب أهلها المدح والثنا، وتجعلهم أهل المكانة العالية ففي الدنيا والآخرة.