وقد وضعت ضوابط لهذا التوجه، فحرصت على الفرق بين المرفوع - من هذه النصوص - وغير المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما عملت على التمييز بين مرويات الحلال والحرام من غيرها - كمرويات الأخلاق، والآداب، والرقائق - في النقد والتمحيص.
و قد كان للحافظ الذهبي فضل السبق في استعمال هذا المنهج النقدي. فإنه توسع فيه إلى حد إخضاع جميع النصوص التاريخية لهذا المنهج. وهذا ظاهر بجلاء في كتابه الحافل " سير أعلام النبلاء " (1).
بيد أنني آثرت سلوك المنهج الأول للاعتبارات التي ذكرتها أولا. وفي النفس رغبة أكيدة للعودة إلى هذه الآثار والأشعار مستقبلا فأقوم بنقدها نقدا علميا دقيقا يكشف عن درجاتها من حيث القبول والرد وعلى الله قصد السبيل، وعليه يتوكل المتوكلون، ولا حول ولا قوة إلا به.
وأرى من الجدير هنا أن أنقل كلام أستاذنا الدكتور أكرم العمري بخصوص هذه القضية، فإنه في غاية الجودة والموضوعية.
" ونظرا لأن المصادر المتعلقة بالحديث والعلوم الشرعية والتاريخ الإسلامي معظمها يسرد الروايات بالأسانيد، فلابد من تحكيم قواعد علماء المصطلح في نقد هذه الروايات مع عدم التخلي عن الروايات التي لا تصل إلى مستوى الصحة الحديثية، ففي الأبحاث التاريخية تعتبر الروايات المسندة من طرق رواة لا يبلغون مستوى الثقات أفضل من الروايات والأخبار غير المسندة، لأن فيها ما يدل على أصلها، ويمكن من التحكم بنقدها وفحصها بصورة أفضل من الأخبار الخالية من المسند.
أما في الدراسات المتصلة بالعقيدة والشريعة فلا بد من الاعتماد فيها على الروايات والأحاديث الصحيحة ونقد وبيان الضعيفة منها، وستسلم في هذا