كتاب الصمت وآداب اللسان - ابن أبي الدنيا - الصفحة ٢٨٩
من بين يدي لسانه، فإذا بدل الرجل كلامه بلسانه، وخالف على ذلك قلبه، خدع بذلك نفسه، وإذا وزن الرجل كلامه بفعله، صدق ذلك مواقع حديثه، تذكر، هل وجدت بخيلا، إلا وهو يجود بالقول، ويضن بالفعل، وذلك لان لسانه بين يدي قلبه، تذكر، هل تجد عند أحدا شرفا أو مروءة، إذا لم يحفظ ما قال، ولم يتبعه بالفعل ويقول ما قال، وهو يعلم أنه حق عليه، واجب حين يتكلم به، لا تكونن بصيرا بعيوب الناس، فإن الذي يبصر عيوب الناس، ويهون عليه عيبه، كمن يتكلف ما لم يؤمر به والسلام (1).
641 - حدثنا عبد الله، حدثني شريح بن يونس، حدثنا يزيد ابن هارون، أنبأنا هشام بن حسان، عن خالد الربعي قال: نبئت أن عيسى، عليه السلام قال: لأصحابه: أرأيتم لو مررتم على رجل نائم، وقد كشفت الريح ثوبه؟ قالوا: كنا نرده عليه. قال: بل تكشفون ما بقى. قالوا: سبحان الله، نرده عليه!!؟ قال: بل تكشفون ما بقى، مثل أضربه للقوم، يسمعون عن الرجل بالسيئة، فيزيدون عليها، ويذكرون أكثر منها.
642 - حدثنا عبد الله، حدثني محمد بن إدريس، حدثنا عبدة ابن سليمان، عن ابن المبارك، رحمه الله قال: قيل لابن عون: ألا تتكلم فتوجز؟ قال: أما يرضى المتكلم بالكفاف.
643 - حدثنا عبد الله، حدثني حمزة بن العباس، أنبأنا عبدان ابن عثمان، أنبأنا عبد الله، أنبأنا وهيب قال: قال عيسى بن مريم، عليه السلام، أربع لا يجتمعن في أحد من الناس: إلا بعجب:
الصمت، وهو أول العبادة، والتواضع لله، والزهادة في الدنيا، وقلة الشئ (2).
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»