كتاب الصمت وآداب اللسان - ابن أبي الدنيا - الصفحة ١٢
النادرة التي فقدت أصولها بمرور الزمن، واستطاع هو أن يحفظها لنا من الضياع، ويصونها من الاندثار..
وابن أبي الدنيا بارع أشد البراعة في حشد هذه النصوص التي تخدم موضوعه الذي تخيره للتأليف، فهو يستقصى الأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم، وما أثر عن التابعين، وتابعي التابعين وأئمة الفقهاء، والتفسير والأدب، والزهد والورع بطريقة لا يكاد يشاركه فيها إلا قلة قليلة من علماء هذه الأمة الأفذاذ.. فحين تقرأ له على سبيل المثال لا الحصر - كتابا في الشكر أو في الفرج أو في مكارم الأخلاق أو في العقل وفضله تحس إحساسا لا يكذبك أن ابن أبي الدنيا يستقى مادة موضوعه من معين لا ينضب ماؤه، ويستمد نصوصه من ذاكرة قوية قلما تخونه، وهي نصوص تبدو أحيانا غريبة وعجيبة ونادرة... ولقد دفعه شغفه بجمع هذه النصوص إلى أن يستشهد ببعض الأحاديث التي لا تكاد تصح، والروايات الواهية التي لا يطمئن إليها العقل على الرغم من المنزلة الرفيعة التي يتبوؤها بين علماء الحديث وفى مقدمتهم أحمد بن حنبل والنسائي والترمذي وأبو داود وابن ماجة - فقد أخذوا عليه أنه كان يروى عن رجل يقال محمد بن إسحاق البلخي (1) وكان كذابا
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»