ذلك كانت لتلك الصغائر أشياء أكثر نفعا لنا في شحذ قوة ضبط النفس فينا، فإذا تحتم علينا أن نخضع جميع ما نعمل وجميع ما نترك لتمييز عقلنا فإن مقدرتنا على ضبط النفس واستعدادنا لذلك ينموان تدريجيا ثم يصبحان فينا طبيعة ثابتة.
الثاني: لا ريب أن أكثر المنازعات الاجتماعية ترجع إلى سوء فهم بعض الناس لأغراض بعضهم الآخر ولمقاصده. وسبب سوء الفهم هذا هو اختلاف في الأمزجة والميول في أفراد البيئة الاجتماعية، فإن الأمزجة المختلفة تحمل الناس على عادات مختلفة، وهذه العادات المختلفة إذا تبلورت بالمراس سنين طوالا أصبحت حواجز بين الأفراد إلى حد ما. وعلى هذا فإن نفرا إذا اتخذوا في حياتهم كلها عادات معينة فإنه يترجح أن تقوم صلاتهم المتبادلة على التعاطف، وأن يكون في عقولهم استعداد للتفاهم، من أجل ذلك جعل الإسلام - وهو الحريص على خير الناس الاجتماعي والفردي - من النقاط الجوهرية حمل أفراد البيئة الاجتماعية بطريقة منظمة على أن تكون عاداتهم وطباعهم متماثلة مهما كانت أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية متنافرة.
وعلى هذا فإن الشرع يقدم للمجتمع خدمة عظيمة وهي جعله مستقرا في شكله ويحول دون تطور العداء والنزاع.
الثالث: في هذا الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حياتنا اليومية نكون دائما مجبرين على أن نفكر بأعمال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى هذا تصبح شخصية أعظم رجل متغلغلة في منهاج حياتنا اليومية، ويكون نفوذه الروحي قد أصبح مهيمنا على مشاعرنا وضمائرنا وبالتالي سلوكنا، وهذا يقودنا إلى أن ندرس موقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل أمر، وحينئذ نتعلم أن ننظر إليه لا علي أنه صاحب وحى فقط، بل على أنه الهادي إلى الحياة الكاملة.
منهج التحقيق:
اكتفيت في تخريج الأحاديث على الكتب الثمانية " البخاري، مسلم، أبو داود، النسائي، الترمذي، ابن ماجة، مالك، أحمد " وقد خرجت الأحاديث وفق هذا الترتيب. وأحيانا خرجت عن هذه الكتب إلى غيرها عند الضرورة كأن لم