وقال تعالى: * (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) * [الأحزاب: 71].
وقال تعالى: * (ومن يطع الله ورسوله يدخله جنت تجرى من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما) * [الفتح: 17].
ونرى في هذا الجمع من الآيات الكريمة أن الله تعالى قرب طاعة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بطاعته تعالى، وجعل اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاقتداء بهديه بابا إلى رضوانه تعالى وجنته، وجعل عصيان النبي صلى الله على وآله وسلم وترك التمسك بسنته بابا إلى سخطه وعقابه.
ومن خلال هذه الأدلة التي تحثنا على اتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتأسي به نتساءل:
ما هو السبب في دعوة الشرع أن نتبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كل ما يفعله - ولم تميز الآيات بين الأعمال الصغيرة أو الكبيرة - ما الفرق بين أن آكل باليد اليمنى أو اليسرى إن كانت كلتاهما نظيفتين على السواء؟ أليس هذا من الأمور الشكلية الخاصة؟ أو لها صلة ما بتقدم البشر أو بخير المجتمع؟ وإذا لم تكن كذلك فلماذا دعانا الإسلام إليها؟
وبتقديري أن هناك أسبابا ثلاثة:
الأول: تمرين الإنسان بطريقة منظمة على أن يحيا دائما في حال الوعي الداخلي واليقظة الشديدة وضبط النفس، فكل شئ نفعله يجب أن يكون مقدورا بإرادتنا وخاضعا لمراقبتنا الذاتية، وإن جميع الأفعال التي تقع عفوية أو خارج دائرة المراقبة ينبغي أن تتقلص إلى أقصى حدها لأنها تتلف التوجيه الروحي للفكر، ولذلك قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ".
والهدف من هذه المراقبة هو جمع ذاتنا الروحية وذاتنا المادية في كل واحد، من أجل ذلك ينبغي العمل على إزالة العوامل التي تؤدى إلى أن تكون حياتنا قائمة على غير وعى وعلى غير خضوع لسيطرتنا، إن مراقبة النفس هي أولي الخطوات في هذا السبيل، وإن أوثق الوسائل للتمرين على محاسبة النفس هي مراقبة أعمالنا - صغيرها وكبيرها - بل إن الصغائر هي أكثر أهمية من الأعمال العظمى أو الكبيرة، إذ إن الأمور الكبيرة بالإضافة إلى عظمها تبقى بادية بوضوح وتتم غالبا في نطاق وعينا، ولكن تلك الأمور الصغيرة تغيب بسهولة عن أذهاننا وبالتالي عن مراقبتنا، من أجل