وائتمرت قريش أن يبعثوا إليه فينا رجلين جلدين من قريش وأن يهدوا إليه من طرائف بلادهم من الأدم وغيره وكان الأدم يعجب النجاشي أن يهدى إليه وأن يهدوا لبطارقته ففعلوا أو بعثوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص قالت أم سلمة: كان عبد الله بن أبي ربيعة أتقى الرجلين حتى قدموا علينا فلما قدما قدما للبطارقة الهدايا ووصفا حاجتهم عندهم ثم دخلا على النجاشي فقالا: أيها الملك إن شبانا فينا خرجوا وقد ابتدعوا دينا سوى دينك ودين من مضى من آبائنا ودين لا نعرفه من الأديان فارقوا به أشرافهم وخيارهم وأهل الرأي منهم فانقطعوا بأمرهم منهم ثم خرجوا إليك لتمنعهم من عشائرهم وآبائهم وكانوا هم بهم أعلا عينا فارددهم إلينا لنردهم على آبائهم وعشائرهم فقالت بطارقته: صدقوا أيها الملك فارددهم فهم أعلم بقومهم فغضب النجاشي ثم قال: والله ما أفعل قوم نزلوا بلادي ولجأوا إلي قالت أم سلمة:
فأرسل إلينا فاجتمع المسلمون فقالوا: ما تكلمون به الرجل؟ فقالوا:
نكلمه بالذي نحن عليه فأرسل النجاشي فجمع بطارقته وأساقفته وأمرهم فنشروا المصاحف حوله فتكلم جعفر بن / أبي طالب وقال لهم النجاشي: إن هؤلاء يزعمون أنكم فارقتم دينهم ولم تتبعوا ديني ولا دين اليهود فأخبراني بدينكم الذي فارقتم به قومكم، فقال جعفر: كنا على دينهم وأمرهم فبعث الله إلينا رسولا - صلى الله عليه وسلم - نعرف نسبه وصدقه وعفافه وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر وأمرنا بإقام الصلاة والصيام والصدقة وصلة الرحم وكل ما تعرف من الأخلاق الحسنة وتلا علينا تنزيلا لا يشبهه شئ غيره فصدقناه وآمنا به وعرفنا أن ما جاء به هو الحق من عند الله ففارقنا عند ذلك قومنا فآذونا وقسونا فلما بلغ منا ما