وقيل لابن المبارك: إن إسماعيل بن علية قد ولي الصدقات بالبصرة، فكتب إليه: - يا جاعل العلم له بازيا * يصطاد أموال المساكين احتلت للدينا ولذاتها * بحيلة تذهب بالدين فصرت مجنونا بها بعدما * كنت دواء للمجانين أين رواياتك في سردها * عن ابن عون وابن سيرين أين رواياتك فيما مضى * في ترك أبواب السلاطين إن قلت أكرهت فماذا كذا * زل حمار العلم في الطين لا تبع الدين بدينا، كما * يفعل ضلال الرهابين (1) فلما وقف أبن عليه على هذه الأبيات قام من مجلس القضاء، فوطئ بساط هارون الرشيد، وقال: يا أمير المؤمنين: الله الله ارحم شيبتي، فإني لا أصبر للخطأ، فقال له هارون: لعل هذا المجنون أغرى عليك؟
فقال: الله الله أنقذني أنقذك الله، فأعفاه من القضاء.
وعن ابن سهم الأنطاكي قال: سمعت ابن المبارك ينشد:
فكيف قرت لأهل العلم أعينهم * أو استلذوا لذيذ النوم أو هجعوا والنار ضاحية لابد موردها * وليس يدرون من ينجو ومن يقع وطارت الصحف في الأيدي منشرة * فيها السرائر والجبار مطلع