حاشية السندي على النسائي - ابن عبد الهادي - ج ٢ - الصفحة ٤٤
في المسجد مع الرائحة الكريهة والله تعالى أعلم قوله إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح الخ ظاهره أن المعتكف يشرع في الاعتكاف بعد صلاة الصبح ومذهب الجمهور أنه يشرع من ليلة الحادي والعشرين وقد أخذ بظاهر الحديث قوم إلا أنهم حملوه على أنه يشرع من صبح الحادي والعشرين فرد عليهم الجمهور بأن المعلوم أنه كان صلى الله تعالى عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر ويحث أصحابه عليه وعدد العشر عدد الليالي فيدخل فيها الليلة الأولى والا لا يتم هذا العدد أصلا وأيضا من أعظم ما يطلب بالاعتكاف أدراك ليلة القدر وهي قد تكون ليلة الحادي والعشرين كما جاء في حديث أبي سعيد فينبغي له أن يكون معتكفا فيها لا أن يعتكف بعدها وأجاب النووي عن الجمهور بتأويل الحديث أنه دخل معتكفا وانقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف بل كان قبل المغرب معتكفا لا ينافي جملة المسجد فلما صلى الصبح انفرد اه ولا يخفى ان قولها كان إذا أراد أن يعتكف يفيد أنه كان يدخل المعتكف حين يريد الاعتكاف لا أنه يدخل فيه بعد الشروع في الاعتكاف في الليل وأيضا المتبادر من لفظ الحديث أنه بيان لكيفية الشروع في الاعتكاف وعلى هذا التأويل لم يكن بيانا لكيفية الشروع ثم لازم هذا التأويل أن يقال السنة للمعتكف أن يلبث أول ليلة في المسجد ولا يدخل في المعتكف وإنما يدخل فيه من الصبح والا يلزم ترك العمل بالحديث وعند تركه لا حاجة إلى التأويل والجمهور لا يقول بهذه السنة فيلزمهم ترك العمل بالحديث وأجاب القاضي أبو يعلى من الحنابلة بحمل الحديث على أنه كان يفعل ذلك في يوم العشرين ليستظهر ببياض يوم زيادة قبل يوم العشر قلت وهذا الجواب هو الذي يفيده النظر في أحاديث الباب فهو أولى وبالاعتماد أحرى بقي أنه يلزم منه أن يكون السنة الشروع في الاعتكاف من صبح العشرين استظهارا باليوم الأول ولا بعد في التزامه وكلام الجمهور لا ينافيه فإنهم ما تعرضوا له لا اثباتا ولا نفيا وإنما تعرضوا لدخول ليلة الحادي والعشرين وهو حاصل غاية الأمر أن قواعدهم تقتضي أن يكون هذا الامر سنة عندهم فلنقل به وعدم التعرض ليس دليلا على
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»