عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١٢٥
فيقول: أي رب ويدعو الله حتى يقول: هل عسيت إن أعطيت ذالك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره، ويعطي ما شاء من عهود ومواثيق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا قام إلى باب الجنة انفقهت له الجنة فرأى ما فيها من الحبرة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول: أي رب أدخلني الجنة فيقول الله: ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت؟ فيقول: ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول: أي رب لا أكونن أشقاى خلقك، فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك منه قال له: ادخل الجنة، فإذا دخلها قال الله له: تمنه فسأل ربه وتمنى حتى إن الله ليذكره يقول كذا وكذا حتى انقطعت به الأماني، قال الله: ذالك لك ومثله معه.
قال عطاء بن يزيد: وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة، لا يرد عليه من حديثه شيئا، حتى إذا حدث أبو هريرة: أن الله تبارك وتعالى قال: ذالك لك ومثله معه قال أبو سعيد الخدري: وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة قال أبو هريرة: ما حفظت إلا قوله: ذالك ومثله معه قال أبو سعيد الخدري: أشهد أني حفظت من رسول الله قوله ذالك لك وعشرة أمثاله قال أبو هريرة: فذالك الرجل آخر أهل الجنة دخولا الجنة.
ا مطابقته للترجمة ظاهرة. وشيخ البخاري عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى أبو القاسم العامري الأويسي المديني يروي عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عطاء بن يزيد من الزيادة الليثي الجندعي، وقد مضى الحديث في الرقاق في: باب الصراط جسر جهنم عن محمود عن عبد الرزاق ومضى الكلام فيه.
قوله: هل تضارون؟ بفتح التاء المثناة من فوق وضمها وتشديد الراء وتخفيفها فالتشديد بمعنى: لا تتخالفون ولا تجادلون في صحة النظر إليه لوضوحه وظهوره، يقال: ضاره يضاره مثل ضره يضره، وقال الجوهري: يقال أضرني فلان إذا دنا مني دنوا شديدا فأراد بالمضارة الاجتماع والازدحام عند النظر إليه، وأما التخفيف فهو من الضير لغة في الضر والمعنى فيه كالأول. قوله: كذلك أي: واضحا جليا بلا شك ولا مشقة ولا اختلاف. قوله: فيتبع بتشديد التاء من الاتباع. قوله: الشمس الشمس الأول منصوب لأنه مفعول يعبد والثاني منصوب بقوله: فيتبع وكذلك الكلام في: القمر القمر، والطواغيت الطواغيت وهو جمع طاغوت، والطواغيت الشياطين أو الأصنام وفي الصحاح الطاغوت الكاهن وكل رأس في الضلال، قد يكون واحدا وقد يكون جمعا وهو على وزن لاهوت مقلوب لأن من طغى ولاهوت من لاه وأصله طغووت مثل جبروت نقلت الواو إلى ما قبل الغين ثم قلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: شافعوها أي: شافعو الأمة وأصله شافعون سقطت النون للإضافة من شفع يشفع شفاعة فهو شافع وشفيع. قوله: شك إبراهيم هو إبراهيم بن سعد الراوي المذكور. قوله: فيأتيهم الله إسناد الإتيان إلى الله تعالى مجاز عن التجلي لهم، وقيل: عن رؤيتهم إياه لأن الإتيان إلى الشخص مستلزم لرؤيته، وقال عياض: أي: يأتيهم بعض ملائكته أو يأتيهم في صورة الملك، وهذا آخر امتحان المؤمنين. وقال الكرماني: فإن قلت: الملك معصوم فكيف يقول: أنا ربكم، وهو كذب؟ قلت: لا نسلم عصمته من مثل هذه الصغيرة. انتهى. قلت: فحينئذ فرعون لم يصدر منه إلا صغيرة في قوله: * (فقال أنا ربكم الاعلى) * ولو نزه شرحه عن مثل هذا لكان أحسن. قوله: فإذا جاء ربنا عرفناه وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني: فإذا جاءنا قوله: في صورته أي: في صفته أي: يتجلى لهم الله على الصفة التي عرفوه بها، وقال ابن التين: اختلف في معنى الصورة، فقيل: صورة اعتقاد كما تقول: صورة اعتقادي في هذا الأمر، فالمعنى يرونه على ما كانوا يعتقدون من الصفات، وقال ابن قتيبة: لله صورة لا كالصور كما أنه شيء لا كالأشياء، فأثبت لله صورة قديمة، وقال ابن فورك: وهذا جهل من قائله، وقال الداودي: إن كانت الصورة محفوظة فيحتمل أن يكون المراد صورة الأمر والحال الذي يأتي فيه، وقال المهلب: أما قولهم، فإذا جاء ربنا عرفناه فإنما ذلك أن الله تعالى يبعث إليهم ملكا ليفتنهم ويختبرهم في اعتقاد صفات ربهم الذي ليس كمثله شيء، فإذا قال لهم الملك: أنا ربكم، رأوا عليه دليل الخلقة التي تشبه المخلوقات فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاءنا عرفنا أي: إنك لست ربنا فيأيتهم الله في صورته التي يعرفون أي: يظهر إليهم في ملكه الذي
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»