عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١١٧
ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: كان النبي يقول عند الكرب لا إلاه إلا الله العليم الحليم، لا إلاه إلا الله رب العرش العظيم، لا إلاه إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم مطابقته للترجمة في قوله: رب العرش العظيم ووهيب هو ابن خالد، وسعيد هو ابن أبي عروبة، وأبو العالية بالعين المهملة وبالياء آخر الحروف اسمه رفيع مصغرا.
والحديث قد مضى في كتاب الدعوات في: باب الدعاء عند الكرب.
قوله: الحليم الحلم هو الطمأنينة عند الغضب، وحيث أطلق على الله فالمراد لازمها وهو تأخير العقوبة، ووصف العرش بالعظمة من جهة الكم، وبالكرم أي: الحسن من جهة الكيف، فهو ممدوح ذاتا وصفة، وهذا الذكر من جوامع الكلم.
7427 حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان عن عمرو بن يحياى عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم يصعقون يوم القيامة، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش. وقال الماجشون عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فأكون أول من بعث فإذا موسى آخذ بالعرش ا مطابقته للترجمة في قوله: العرش في الموضعين.
وسفيان هو الثوري، و عمرو بن يحيى يروي عن أبيه يحيى بن عمارة المازني الأنصاري، وأبو سعيد اسمه سعد بن مالك.
والحديث قد مضى في كتاب الأنبياء، عليهم السلام في: باب قول الله تعالى: * (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لاخيه هارون اخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) * بعين هذا الإسناد والمتن. وفيه زيادة وهي: فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور.
قوله: يصعقون كذا في بعض النسخ، وفي بعضها: الناس يصعقون، كما في الباب المذكور وهو الصحيح، والظاهر أن لفظ: الناس، سقط من الكاتب.
قوله: قال الماجشون بفتح الجيم وضمها وكسرها وهو معرب: ماهكون، يعني: شبيه القمر، وقيل: شبيه الورد، وهو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ميمون المدني، وهذا اللقب قد يستعمل أيضا لأكثر أقاربه، و عبد الله بن الفضل بسكون الضاد المعجمة الهاشمي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، رضي الله تعالى عنه. وقال أبو مسعود الدمشقي في الأطراف وتبعه جماعة من المحدثين: إنما روى الماجشون هذا عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج لا عن أبي سلمة، وقالوا: البخاري وهم في هذا حيث قال: عن أبي سلمة. وأجيب عن هذا: بأن لعبد الله بن الفضل في هذا الحديث شيخين، والدليل عليه أن أبا داود الطيالسي أخرج في مسنده عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة طرفا من هذا الحديث، وبهذا يرد أيضا على من قال: إن البخاري جزم بهذه الرواية، وهي وهم. قلت: إنما جزم بناء على الجواب المذكور، فلذلك قال: قال الماجشون وإلا فعادته إذا كان مثل هذا غير مجزوم عنده يذكره بصيغة التمريض، فافهم.
23 ((باب قول الله تعالى: * (تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * وقوله جل ذكره * (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولائك هو يبور) * أي: هذا باب في قول الله عز وجل: * (تعرج الملائكة) * إلى آخره، ذكر هاتين القطعتين من الآيتين الكريمتين وأراد بالأولى الرد على الجهمية المجسمة في تعلقهم بظاهر قوله تعالى: * (من الله ذي المعارج * تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه، فقد كان ولا مكان وإنما أضاف المعارج إليه إضافة تشريف، والمعارج جمع معرج كالمصاعد جمع مصعد والعروج الارتقاء، يقال: عرج بفتح الراء يعرج بضمها عروجا ومعرجا، والمعرج المصعد والطريق الذي تعرج فيه الملائكة إلى السماء، والمعراج شبيه سلم أو درج تعرج فيه الأرواح إذا قبضت وحيث تصعد أعمال بني آدم. وقال الفراء: المعارج من نعت الله ووصف بذلك نفسه لأن الملائكة تعرج إليه. وقيل: معنى قوله: * (من الله ذي المعارج) * أي: الفواضل العالية.
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»