عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ٢٣٤
المبهمة، وكذا وقع في أطراف المزي: إلى ابنه عبيد الله، ووقع في رواية مسلم عن عبد الرحمان قال: كتب أبي، وكتبت إلى عبيد الله بن أبي بكرة، قيل: معناه كتب أبو بكرة بنفسه مرة، وأمر ولده عبد الرحمان أن يكتب لأخيه فكتب له مرة أخرى. انتهى. وقال بعضهم: ولا يتعين ذلك بل الذي يظهر أن قوله: كتب أبي أي: أمر بالكتابة. وقوله: وكتبت له أي: باشرت الكتابة التي أمر بها، والأصل عدم التعدد. انتهى. قلت: الأصل عدم التعدد والأصل عدم ارتكاب المجاز والعدول عن ظاهر الكلام لا لعلة، وما المانع من التعدد؟. قوله: وكان بسجستان وفي رواية مسلم: وهو قاضي بسجستان، وهي جملة حالية وهي في الأصل اسم إقليم من الأقاليم العراقية وهو إقليم عظيم واسم قصبته زرنج، بفتح الزاي والراء وسكون النون وبالجيم، وهي مدينة كبيرة من سجستان. وقال ابن حوقل: وقد يطلق على زرنج نفسها سجستان. قلت: اسم سجستان أنسي هذا اليوم وأطلق اسم الإقليم على المدينة وهي بين خراسان ومكران والسند، وبين كرمان بينهما وبين كرمان مائة فرسخ منها أربعون فرسخا مفازة ليس فيها ماء، والنسبة إليها سجستاني وسجزي بزاي بدل السين الثانية والتاء وهو على غير قياس. قوله: غضبان الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام، وروى الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعا ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟ قوله: حكم بفتحتين هو الحاكم. وقال المهلب: سبب هذا النهي أن الحكم حالة الغضب قد يتجاوز إلى غير الحق فمنع. وبذلك قال فقهاء الأمصار، وقال الغزالي: فهم من هذا الحديث أنه لا يقضي حاقنا أو جائعا أو متألما بمرض. وقال الرافعي: وكذلك لا يقضي بكل حال يسوء خلقه فيها ويتغير عقله فيها. بجوع وشبع مفرط ومرض مؤلم وخوف مزعج وحزن وفرح شديدين وكغلبة نعاس وملال، وكذا لو حضره طعام ونفسه تتوق إليه. قال: والمقصود أن يتمكن من استيفاء الفكر والنظر. فإن قلت: هل هذا النهي نهي تحريم أو كراهة؟. قلت: نهي تحريم عند أهل الظاهر، وحمله العلماء على الكراهة حتى لو حكم في حال غضبه بالحق نفذ حكمه، وهو مذهب الجمهور. فإن قلت: قد صح عنه، أنه قد حكم في حالة غضبه كحكمه للزبير في شراج الحرة حين قال له الأنصاري: إن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله، صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وقال: اسق يا زبير... الحديث، وفي الصحيح أيضا في قصة عبد الله بن عمر حين طلق امرأته وهي حائض، فذكره عمر، رضي الله تعالى عنه، لرسول الله، فتغيظ رسول الله، قلت: أجابوا عنه بأجوبة أحسنها أنه كان معصوما فلا يتطرق إليه احتمال ما يخشى من غيره في الحكم وغيره.
7159 حدثنا محمد بن مقاتل، أخبرنا عبد الله، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله إني والله لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا فيها قال: فما رأيت النبي قط أشد غضبا في موعظة منه يومئذ، ثم قال: يا أيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليوجز، فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة مطابقته للترجمة ظاهرة. وعبد الله الذي روى عنه شيخ البخاري عبد الله بن المبارك، وأبو مسعود عقبة بن عمرو.
والحديث مضى في كتاب العلم في: باب الغضب في الموعظة، عن محمد بن كثير، ومضى أيضا في كتاب الصلاة في: باب تخفيف الإمام في القيام عن أحمد بن يونس، ومضى الكلام فيه.
قوله: فليوجز أي: فليختصر، ويروى: فليتجوز.
7160 حدثنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني، حدثنا حسان بن إبراهيم، حدثنا يونس قال محمد: أخبرني سالم أن عبد الله بن عمر أخبره أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنبي
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»