عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ٢٣٠
بصيغة الماضي والإدغام في الموضعين، وفي رواية الطبراني عن أحمد بن زهير عن إسحاق بن شاهين شيخ البخاري: ومن شاقق يشق الله عليه بصيغة الماضي في الأول والمضارع في الثاني، والمعنى: أن يضل الناس ويحملهم على ما يشق من الأمر، وقيل: المعنى أن يكون ذلك من شقاق الخلاف وهو بأن يكون في شق منهم، وفي ناحية من جماعتهم، وقيل: المعنى النهي عن القول القبيح في المؤمنين وكشف مساويهم وعيوبهم. قوله: فقال أي: جندب: إن أول ما ينتن من الإنسان بطنه وهذا موقوف وكذا أخرجه الطبراني من طريق قتادة عن الحسن البصري عن جندب موقوفا قوله: ينتن بضم الياء وسكون النون من الإنتان وماضيه أنتن، والنتن الرائحة الكريهة، وقال الجوهري: نتن الشيء وأنتن بمعنى فهو منتن ومنتن بكسر الميم اتباعا لكسرة التاء. قوله: إلا طيبا أي: حلالا. قوله: أن لا يحال وفي رواية الكشميهني: أن لا يحول. قوله: بملء كفه وفي رواية الكشميهني: ملء كفه، بغير باء موحدة. قوله: كفه كذا في رواية الأصيلي وكريمة بالضمير، وفي رواية غيرهما. بملء كف، بدون الضمير. قوله: من دم كلمة: من، بيانية. قوله: أهراقه أي: صبه، وقال ابن التين: وقع في روايتنا: إهراقه، والأصل: أراقه، والهاء فيه زائدة. قوله: وأن لا يحال... إلى آخره، موقوف أيضا، وكذا أخرجه الطبراني من طريق قتادة عن الحسن عن جندب موقوفا، وزاد الحسن بعد قوله: قوله: أهراقه كأنما يذبح دجاجة، كلما يقدم لباب من أبواب الجنة حال بينه وبينه، ووقع مرفوعا عند الطبراني أيضا من طريق إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب، ولفظه: تعلمون أني سمعت رسول الله يقول: يحول بين أحدكم وبين الجنة، وهو يراها بملء كف دم من مسلم أهراقه بغير حله وهذا لو لم يرد مصرحا برفعه فكأنه في حكم المرفوع لأنه لا يقال بالرأي، وهو وعيد شديد لقتل المسلم.
قوله: قلت لأبي عبد الله أبو عبد الله هو البخاري، والقائل له هو الفربري، وليس هذا في رواية النسفي.
10 ((باب القضاء والفتيا في الطريق)) أي: هذا باب في بيان القضاء أي الحكم والفتيا بضم الفاء يقال: استفتيت الفتيا فأفتاني، والاسم الفتيا والفتوى. قوله: في الطريق، أي: حال كون القضاء والفتيا في الطريق. وقال المهلب: الفتوى في الطريق على الدابة وما يشاكلها من التواضع لله، فإن كانت لضعيف أو جاهل فمحمودة عند الله والناس، وإن تكلف ذلك لرجل من أهل الدنيا ولمن يخشى لسانه فمكروه أن ينزل مكانه. واختلف أصحاب مالك في القضاء سائرا أو ماشيا، فقال أشهب: لا بأس بذلك إذا لم يشغله السير أو المشي عن الفهم، وقال سحنون: لا ينبغي أن يقضي وهو يسير أو يمشي، وقال ابن حبيب: ما كان من ذلك يسيرا كالذي يأمر بسجن من وجب عليه، أو يأمر بشيء، أو يكف عن شيء فلا بأس بذلك، وأما الابتداء بالنظر ونحوه فلا، وقال ابن بطال: وهو حسن، وقول أشهب أشبه بالدليل، وقال ابن التين: لا يجوز الحكم في الطريق فيما يكون غامضا.
وقضى يحياى بن يعمر في الطريق.
يعمر بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة وفتح الميم وبالراء التابعي الجليل المشهور، وكان من أهل البصرة فانتقل إلى مرو بأمر الحجاج فولي قضاء مرو لقتيبة بن مسلم، وكان من أهل الفصاحة والورع، وقال الحكم: وقضى في أكثر مدن خراسان، وكان إذا تحول إلى بلدة استخلف في التي انتقل منها. وفي التوضيح يحيى بن يعمر قضى في الطريق لعله فيما كان فيه نص أو مسألة لا تحتاج إلى فكر دون ما غامض. قوله: في الطريق أي: حال كونه في الطريق، ووصل هذا محمد بن سعد في الطبقات عن شبابة عن موسى بن يسار، قال: رأيت يحيى بن يعمر على القضاء بمرو، فربما رأيته يقضي في السوق وفي الطريق، وربما جاءه الخصمان وهو على حمار فيقضي بينهما.
وقضى الشعبي على باب داره.
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»