عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ١٣٩
ما بين الثلاثة إلى التسع، وقال ابن عباس: ما دون العشرة، وأكثر المفسرين هاهنا أن البضع سبع سنين، ولما دنا فرج يوسف رأى ملك مصر الأكبر رؤيا عجيبة هالته، وقال: إني أرى سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس يأكلهن سبع بقرات عجاف أي: مهازيل فابتلعنهن فدخلن في بطونهن فلم ير منهن شيء، ورأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها وأخر يابسات قد احتصدت وأفركت فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليهن، فجمع السحرة والكهنة والحازة، والقافة وقصها عليهم وقال: * (أيها الملأ) * أي: الأشراف * (أفتوني في رؤياي) * فاعبروها * (إن كنتم للرؤيا تعبرون) * قالوا: هذا الذي رأيته * (أضغاث أحلام) * أي: أحلام مختلطة مشتبهة أباطيل، والأضغاث جمع ضغث وهو الحزمة من أنواع الحشيش. قوله: * (وقال الذي نجا منهما) * هو الساقي قوله: * (واذكر) * أي تذكر حاجة يوسف وهو قوله: * (اذكرني عند ربك) * قوله: * (بعد أمة) * أي: بعد حين، وعن عكرمة: بعد قرن، وعن سعيد بن جبير: بعد سنين، وسيجئ مزيد الكلام فيه. قوله: * (أنبئكم) * أي: أخبركم بتأويله. قوله: * (فأرسلون) * يعني إلى يوسف فأرسلوه إليه فقال يوسف يعني: يا يوسف * (أيها الصديق) * وهو الكثير الصدق. قوله: * (أفتنا) * إلى قوله: هههها من كلام الساقي المرسل إلى يوسف. قوله: * (لعلهم يعلمون) * أي: تأويل رؤيا الملك، وقيل: يعلمون فضلك وعلمك. قوله: * (قال تزرعون) * أي: قال يوسف: * (إرجع إلى ربك) * أي كعادتكم، قاله الثعلبي، وقال الزمخشري: دأبا مصدر دأب في العمل وهو حال من المأمورين أي: دائبين أي: إما على تدأبون دأبا وإما على إيقاع المصدر حالا يعني: ذوي دأب. قوله: د أي: اتركوه في سنبله، إنما قال ذلك ليبقى ولا يفسد. قوله: 0 يعني: سبع سنين جدب وقحط. قوله: ك ل أي: تحرسون وتدخرون. قوله: ه ه من الغوث أو من الغيث وهو المطر أي: يمطرون منه. قوله: هه أكثر المفسرين على معنى يعصرون العنب خمرا والزيتون زيتا والسمسم دهنا، وقال أبو عبيدة: يعصرون ينجون من الجدب والكرب العصر والعصرة النجاة والملجأ، وقيل: يعصرون يمطرون. دليله * (وأنزلنا من المعصرات مآء ثجاجا) * ثم إن الساقي لما رجع إلى الملك وأخبره بما أفتاه يوسف من تأويل رؤياه * (فلما جاءه الرسول) * أي بيوسف أي: لما جاء يوسف الرسول وقال: أجب الملك، قال يوسف: * (أرجع إلى ربك) * أي: سيدك الملك فأسأله * (ما بال النبوة) * الآية وإنما قال ذلك حتى يظهر عذره ويعرف صحة أمره من قبل النسوة، وتمام القصة في موضعها.
وادكر افتعل من ذكر، أمة قرن وتقرأ أمه نسيان، وقال ابن عباس يعصرون الأعناب والدهن. تحصنون تحرسون.
أشار بهذا إلى تفسير بعض الألفاظ التي وقعت في الآيات المذكورة منها قوله: وادكر فإنه على وزن افتعل لأن أصله اذكر بالذال المعجمة فنقلت إلى باب الافتعال فصار اذتكر، ثم قلبت التاء دالا مهملة فصار اذدكر، ثم قلبت الذال المعجمة دالا مهملة ثم أدغمت الدال في الدال فصار ادكر قال الزمخشري: هذا هو الفصيح، وعن الحسن بالذال المعجمة. وقوله: افتعل من ذكر رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: افتعل من ذكرت، ومنها قوله: أمة فإنه فسرها بقوله: قرن. قوله: ويقرا أمه بفتح الهمزة وتخفيف الميم وبالهاء المنونة، فسره بقوله: نسيان. وأخرجه الطبري عن عكرمة وتنسب هذه القراءة في الشواذ إلى ابن عباس والضحاك، يقال: رجل مأموه ذاهب العقل، يقال: أمهت آمه أمها بسكون الميم ومنها قوله: يعصرون إشارة إلى تفسيره بقوله: وقال ابن عباس: يعصرون الأعناب والدهن، ووصله هكذا ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. ومنها قوله: تحصنون ففسره بقوله. يحرسون، وقد مر الكلام فيه.
6992 حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا جويرية، عن مالك، عن الزهري أن سعيد بن المسيب وأبا عبيد أخبراه عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله لو لبثت
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»