عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ١٠٢
لا يلزم المكره ما أكره عليه من نكاح أو طلاق أو عتق أو غيره، وقال محمد بن سحنون: وأجاز أهل العراق نكاح المكره.
6946 حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أبي عمر و وهو ذكوان عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله تستأمر النساء في أبضاعهن؟ قال: نعم قلت فإن البكر تستأمر فتستحي فتسكت، قال: سكاتها إذنها انظر الحديث 5137 وطرفه مطابقته للترجمة من حيث يفهم منه أن نكاح البكر لا يجوز إلا برضاها وبغير رضاها يكون حكمها حكم المكره.
ومحمد بن يوسف يجوز أن يكون الفريابي وشيخه سفيان الثوري، ويجوز أن يكون البيكندي البخاري وشيخه سفيان بن عيينة، فإن كلا من السفيانين مشهور بالرواية عن ابن جريج وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ولكن جزم أبو نعيم أن هذا الحديث إنما هو عن الفريابي فإنه إذا أطلق سفيان ولم ينسبه فهو الثوري، وإذا أراد سفيان بن عيينة نسبه، وابن أبي مليكة هو عبيد الله بن عبد الله أو عبد الرحمان بن أبي مليكة بضم الميم واسمه زهير التيمي المكي الأحول القاضي على عهد ابن الزبير، وأبو عمرو بفتح العين اسمه ذكوان مولى عائشة، رضي الله تعالى عنها، وكانت قد دبرته.
ومضى الحديث في النكاح.
قوله: تستأمر على صيغة المجهول يعني: تستشار النساء في عقد نكاحها. قوله: في إبضاعهن قال الكرماني: جمع بضع. قلت: ليس كذلك وليس بجمع بل هو بكسر الهمزة من أبضعت المرأة إبضاعا، إذا زوجتها. قوله: فتستحي بياء واحدة وفيه لغة أخرى: فتستحيي، بياءين. قوله: سكاتها وفي رواية الإسماعيلي: سكوتها، وفي الرواية التي تقدمت في النكاح بلفظ: صمتها.
4 ((باب إذا أكره حتى وهب عبدا أو باعه لم يجز)) أي: هذا باب يذكر فيه إذا أكره الرجل حتى وهب عبده لشخص أو باعه له لم يجز، أي: لم يصح لا الهبة ولا البيع، والعبد باق على ملكه.
وبه قال بعض الناس.
أي: بالحكم المذكور قال بعض الناس وهو: عدم جواز هبة المكره عبده، وكذا بيعه. قلت: إن أراد ببعض الناس الحنفية فمذهبهم ليس كذلك، فإن مذهبهم أن شخصا إذا أكره على بيع ماله أوهبته لشخص أو على إقراره بألف مثلا لشخص ونحو ذلك، فباع أو وهب وأقر، ثم زال الإكراه فهو بالخيار إن شاء أمضى هذه الأشياء وإن شاء فسخها، لأن الملك ثبت بالعقد لصدوره من أهله في محله إلا أنه قد شرط الحل، وهو التراضي، فصار كغيره من الشروط المفسدة، حتى لو تصرف فيه تصرفا لا يقبل النقض: كالعتق والتدبير ونحوهما، لا ينفذ وتلزمه القيمة، وإن، أجازه جاز لوجود التراضي، بخلاف البيع الفاسد لأن الفساد لحق الشرع.
فإن نذر المشتري فيه نذرا فهو جائز بزعمه.
أراد بهذا الكلام التشنيع على هؤلاء البعض من الناس، وإثبات تناقضهم في كلامهم أي: قال هؤلاء البعض: فإن نذر المشتري يعني: المشتري من المكره في الذي اشتراه نذرا فهو جائز قوله: بزعمه، أي: بقوله.
وكذلك إن دبره.
أي: وكذلك قال هؤلاء البعض: إن دبر المشتري من المكره العبد الذي اشتراه، وبيان التناقض الذي زعمه البخاري فيما قاله الكرماني: قال: قال المشايخ: إذا قال البخاري بعض الناس يريد به الحنفية، وغرضه أن يبين أن كلامهم متناقض
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»