أحدهما ما تبيحه الضرورة كالأكل والشرب، فهذا يبيحه الإكراه فمن أكره على شيء من ذلك فلا يلزمه شيء لأنه أتى مباحا له إتيانه. والآخر: ما لا تبيحه كالقتل والجراح والضرب وإفساد الأموال، فهذا لا يبيحه الإكراه، فمن أكره على شيء من ذلك لزمه. وفي التوضيح وقالت طائفة: الإكراه في القول والفعل سواء إذا أسر الإيمان، روي ذلك عن عمر بن الخطاب، وهو قول مكحول ومالك وطائفة من أهل العراق.
ثم وجه الاستدلال بالحديث المذكور على التسوية بين القول والفعل وهو الذي عليه الجمهور، هو أن العمل يتناول فعل الجوارح والقلوب والأقوال. فإن قلت: إذا كان كذلك يحتاج كل فعل إلى نية والمكره لا نية له، فلا يؤاخذ. قلت: له نية وهي نية عدم الفعل الذي أكره عليه. فإن قلت: ينبغي على هذا أن لا يؤاخذ الناس والمخطىء في الطلاق والعتاق ونحوهما، لأنه لا نية لهما. قلت: بل يؤاخذ فيصح طلاقه حتى لو قال: اسقني، فجرى على لسانه: أنت طالق، وقع الطلاق لأن القصد أمر باطني لا يوقف عليه فلا يتعلق الحكم لوجود حقيقته بل يتعلق بالسبب الظاهر الدال وهو أهليته، والقصد بالبلوغ والعقل. فإن قلت: ينبغي على هذا أن يقع طلاق النائم. قلت: المانع هو قوله، عليه السلام: رفع القلم عن ثلاث.
6940 حدثنا يحياى بن بكير، حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن هلال بن أسامة أن أبا سلمة بن عبد الرحمان أخبره عن أبي هريرة أن النبي كان يدعو في الصلاة: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام والوليد، بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر وابعث عليهم سنين كسني يوسف مطابقته للترجمة من حيث إن هؤلاء الذين كان النبي، صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، يدعو لهم كانوا مكرهين في مكة أو من حيث إن المكره لا يكون إلا مستضعفا.
وخالد بن يزيد من الزيادة الجمحي الإسكندراني الفقيه، وسعيد بن أبي هلال الليثي المدني، وهلال بن أسامة منسوب إلى جده هو هلال بن علي، ويقال له: هلال بن أبي ميمونة ويقال: ابن أبي هلال.
والحديث مضى في الاستسقاء عن قتيبة عن مغيرة بن عبد الرحمان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه... الخ.
قوله: في الصلاة أي: في القنوت، وكان هذا سبب القنوت، وعياش بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة ابن أبي ربيعة من بني مخروم، وسلمة بن هشام أخو أبي جهل، والوليد بن الوليد ابن عم أبي جهل، والمستضعفين من المؤمنين من بعدهم من باب ذكر العام بعد الخاص. قوله: وطأتك الوطأة الدوس بالقدم، وهذا مجاز عن الأخذ بالقهر والشدة. قوله: على مضر بضم الميم وفتح الضاد المعجمة: أبو قريش.
1 ((باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر)) أي: هذا باب في بيان من اختار في الإكراه الضرب والقتل والهوان أي: الذلة والتضعف والتحقر.
6941 حدثنا محمد بن عبد الله بن حوشب الطائفي، حدثنا عبد الوهاب أيوب عن أبي قلابة، عن أنس، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار مطابقته للترجمة تؤخذ من آخر الحديث من حيث إنه سوى بين كراهية الكفر وبين كراهة دخول النار والقتل والضرب، والهوان أسهل عند المؤمن من دخول النار، فيكون أسهل من الكفر إن اختار الأخذ بالشدة.
وعبد الوهاب بن عبد المجيد