عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ١٠٥
اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك، فلا تسلط علي الكافر، فغط حتى ركض برجله مطابقته للترجمة ظاهرة من حيث إنه كما لا ملامة عليها في الخلوة معه إكراها، فكذلك المستكرهة في الزنا لا حد عليها، كذا قاله الكرماني، وصاحب التوضيح قلت: الأقرب أن يقال: وجه المطابقة من حيث إنه أكره إبراهيم، عليه السلام، على إرسالها إليه.
وأبو اليمان الحكم بن نافع، وشعيب بن أبي حمزة، وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان، والأعرج عبد الرحمان بن هرمز.
ومضى الحديث في آخر البيع، وفي أحاديث الأنبياء، عليهم السلام.
قوله: هاجر إبراهيم عليه السلام قال الكرماني: من العراق إلى الشام. قلت: قال أهل السير: من بيت المقدس إلى مصر، وسارة أم إسحاق عليهما السلام. قوله: دخل بها قرية قال الكرماني: هي حران بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وبالنون، وهي كانت مدينة عظيمة تعدل ديار مصر في حد الجزيرة بين الفرات ودجلة، واليوم هي خرابة، قيل: كان مولد إبراهيم بها، وقول الكرماني: قرية هي حران فيه نظر، والذي ذكره أهل السير: هي مصر، ومما يؤيد هذا الذي ذكره قول من قال: إن حران هي التي ولد فيها إبراهيم عليه السلام. قوله: أو جبار شك من الراوي. قوله: فأرسل إليه أي: أرسل ذلك الجبار إلى إبراهيم، عليه السلام، فأرسل بها إبراهيم عليه السلام، كرها. قوله: توضأ بضم الهمزة أصله: تتوضأ، فحذفت منه إحدى التاءين. قوله: إن كنت ليس على الشك لأنها لم تكن شاكة في إيمانها، وإنما هو على خلاف مقتضى الظاهر، فيؤول بنحو: إن كنت مقبولة الإيمان. قوله: فغط بضم الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة أي: خنق وصرع، وقال الداودي: ورويناه هنا بالعين المهملة، ويحتمل أن يكون من العطعطة وهي حكاية صوت، وقال الشيباني: العطوط المغلوب ذكره الجوهري في باب العين المهملة. قوله: حتى ركض برجله أي: حركه ودفع وجمع، ولم يذكر البخاري حكم إكراه الرجل على الزنى، فذهب الجمهور إلى أنه لا حد عليه. وقال مالك وجماعة: عليه الحد لأنه لا تنتشر الآلة إلا بلذة، وسواء أكرهه سلطان أو غيره، وعن أبي حنيفة: لا يحد إن أكرهه سلطان، وخالفه أبو يوسف ومحمد، رحمهما الله تعالى.
7 ((باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوه، وكذالك كل مكره يخاف فإنه يذب عنه الظالم ويقاتل دونه ولا يخذله، فإن قاتل دون المظلوم فلا قود عليه ولا قصاص.)) أي: هذا باب في بيان يمين الرجل أنه أخوه إذا خاف عليه القتل بأن يقتله ظالم إن لم يحلف اليمين الذي أكرهه الظالم عليها قوله: أو نحوه أي: أو نحوه القتل، مثل قطع اليد أو قطع عضو من أعضائه. قوله: فإنه يذب بفتح الياء آخر الحروف وضم الذال المعجمة أي: يدفع عنه الظالم، ويروى: المظالم، جمع مظلمة ويروى: ويدرء عنه الظالم، أي: يدفعه ويمنعه منه. قوله: ويقاتل دونه أي: يقاتل عنه ولا يخذله له أي: لا يترك نصرته. قوله: فإن قاتل دون المظلوم أي: عن المظلوم. قوله: فلا قود عليه ولا قصاص قال صاحب التوضيح يريد ولا دية لأن الدية تسمى أرشا، وقال الكرماني: لم كرر القود إذ هو القصاص بعينه ثم أجاب بأنه لا تكرار إذ القصاص أعم من أن يكون في النفس، ويستعمل غالبا في القواد أو هو تأكيد. قلت: في الجواب الثاني نظر لا يخفى، وقال ابن بطال: ذهب مالك والجمهور إلى أن من أكره على يمين إن لم يحلفها قتل أخوه المسلم أنه لا حنث عليه، وقال الكوفيون يحنث لأنه كان له أن يوري، فلما ترك التورية صار قاصدا لليمين، فيحنث.
وإن قيل له: لتشربن الخمر أو لتأكلن الميتة أو لتبيعن عبدك أو تقر بدين أو تهب هبة وكل عقدة أو لنقتلن أباك أو أخاك في الإسلام، وسعه ذالك لقول النبي صلى الله عليه وسلم المسلم أخو المسلم.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»