عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٥٨
71 ((باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخليهم من الدنيا)) أي: هذا باب في بيان كيفة عيش النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية عيش أصحابه رضي الله عنهم، وفي بيان تخليهم أي: تركهم الملاذ والشهوات من الدنيا.
2546 حدثنا أبو نعيم بنحو من نصف هاذا الحديث، حدثنا عمر بن ذر حدثنا مجاهد أن أبا هريرة كان يقول: الله الذي لا إلاه إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني فمر فلم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: (يا أبا هر!) قلت: لبيك يا رسول الله! قال: (إلحق) ومضى فتبعته فدخل فاستأذن فأذن لي، فدخل فوجد لبنا في قدح فقال: (من أين هذا اللبن) قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة قال: (أبا هر)! قلت: لبيك يا رسول الله! قال: (إلحق إلى أهل الصفة فادعهم لي) قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون إلى أهل ولا مال ولا على أحد إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذالك، فقلت: وما هاذا اللبن في أهل الصفة؟ كنت أحق أنا أن أصيب من هاذا اللبن شربة أتقوى بها، فإذا جاؤوا أمرني فكنت أنا أعطيهم وما عساى أن يبلغني من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بد، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت قال: (يا أبا هر) قلت: لبيك يا رسول الله! قال: (خذ فأعطهم) قال: فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يرواى، ثم يرد علي القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يرواى، ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يرواى، ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم. فقال: (يا أبا هر) قلت: لبيك يا رسول الله! قال: (بقيت أنا وأنت). قلت صدقت يا رسول الله! قال: (اقعد فاشرب) فقعدت فشربت فقال: (اشرب) فشربت فما زال يقول: (اشرب) حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا. قال: (فأرني) فأعطيته القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة. (انظر الحديث 5735 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه الإخبار عن عيش النبي صلى الله عليه وسلم وعيش أصحابه رضي الله عنهم.
وأبو نعيم بضم النون الفضل بن دكين، وعمر بضم العين ابن ذر بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء الهمداني.
وبعض الحديث مضى في الاستئذان مختصرا أخرجه عن أبي نعيم عن عمر بن ذرو عن محمد بن مقاتل عن عبد الله عن عمر بن ذر، ثم أعاده، هنا عن أبي نعيم وحده مطولا. وأخرجه الترمذي في الزهد عن هناد بن سري عن يونس بن بكير عن عمر بن ذر به. وأخرجه النسائي في الرقاق عن أحمد بن يحيى عن أبي نعيم.
دقوله: (بنحو من نصف هذا الحديث)، أشار به إلى حديث الباب،
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»