الألف ابن يزيد من الزيادة الكندي. والحديث من أفراده.
قوله: (كنا نؤتى) على صيغة المجهول. فإن قلت: كان السائب صغيرا جدا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان ابن ست سنين فكيف أدخل نفسه في جماعة الحاضرين وقت إتيان الشارب في زمنه صلى الله عليه وسلم؟.
قلت: الظاهر أن مراده من قوله: كنا الصحابة، ولكن يحتمل أن يكون قد حضر هناك مع أبيه أو غيره فشاركهم فيه فيكون الإسناد على الحقيقة. قوله: (وإمرة أبي بكر) بكسر الهمزة وسكون الميم أي: إمارته. قوله: (وصدرا) من خلافة عمر رضي الله تعالى عنه، أي: أوائل خلافته. قوله: (وأرديتنا) جميع رداء. قوله: (حتى كان آخر إمرة عمر) أي آخر خلافته. قوله: (حتى إذا عتوا) أي: إذا انهمكوا في الطغيان وبالغوا في الفساد. قوله: (وفسقوا) أي: خرجوا عن الطاعة فلم يرتدعوا جلدهم ثمانين جلدة، ولو أدرك هذا الزمان لجلدهم أضعاف ذلك، وروى عبد الرزاق بسند صحيح عن عبيد بن عمير، أحد كبار التابعين، نحو حديث السائب وفيه: أن عمر جعله أربعين سوطا، فلما رآهم لا يتناهون جعله ستين سوطا، فلما رآهم لا يتناهون جعله ثمانين سوطا. وقال: هذا أدنى الحدود.
5 ((باب ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج من الملة)) أي: هذا باب في بيان ما يكره من لعن شارب الخمر، وكأنه أراد بهذه الترجمة وجه التوفيق بين حديث الباب الذي فيه النهي عن لعن الشارب وبين قوله صلى الله عليه وسلم: لا يشرب الخمر وهو مؤمن، وقد مر عن قريب، وهو أن المراد بحديث: لا يشرب الخمر وهو مؤمن نفي كمال الإيمان لا أنه يخرج عن الإيمان، وهو معنى قوله: (وإنه) أي: إن شارب الخمر ليس بخارج عن الملة، فإذا لم يكن خارجا عن الملة لا يستحق اللعن. فإن قلت: قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم شارب الخمر وكثيرا من أهل المعاصي منهم: المصورون ومن ادعى إلى غير أبيه وغير ذلك.
قلت: أراد النبي صلى الله عليه وسلم، باللعنة الملازمين لها غير التائبين منها ليرتدع بذلك من فعلها، والذي نهى عن لعنه ههنا قد كان أخذ منه حد الله تعالى الذي جعله مطهرا له من الذنوب فنهى عن ذلك خشية أن يوقع الشيطان في قلبه أن من لعن بحضرته ولم يغير ذلك ولا نهى عنه أنه مستحق العقوبة في الآخرة، وأنه يقره على ذلك ويقويه، وقيل: الذي لعن الشارع إنما لعن الجنس على معنى الإرداع ولم يعين أحدا، ومنهم من منع مطلقا في المعين وجوز في حق غير المعين لأن فيه زجرا عن تعاطي ذلك الفعل وفي حق المعين أذى وسب وقد ثبت النهي عن أذى المسلم.
0876 حدثنا يحياى بن بكير حدثنا الليث قال: حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب: أن رجلا كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارا. وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأتي به يوما فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله).
مطابقته للترجمة ظاهرة. ويحيى بن بكر مصغر بكير هو يحيى بن عبد الله بن بكير أبو زكريا المخزومي المصري، وخالد بن يزيد من الزيادة البجلي الفقيه، وسعيد بن أبي هلال الليثي المدني، وزيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب يروي عن أبيه أسلم مولى عمر الحبشي البخاري كان من سبي عين التمر ابتاعه عمر بن الخطاب بمكة سنة إحدى عشر لما بعثه أبو بكر الصديق ليقيم للناس الحج والحديث من أفراده.
قوله: (وكان يلقب حمارا) لعله كان لا يكره ذلك اللقب وكان قد اشتهر به، وجوز ابن عبد البر أنه ابن النعمان المبهم في حديث عقبة بن الحارث، وقال الكرماني: وكان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، العكة من السمن والعكة من العسل، فإذا جاء صاحبها يتقاضاه جاء به، وقال: يا رسول الله! أعط هذا ثمن