بطريق الإرث عنه. قوله: (دينارا) التقييد بالدينار من باب التنبيه على ما سواه كما قال الله عز وجل: * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) * (الزلزلة: 7) قوله: (بعد نفقة نسائي) يريد أنه تؤخذ نفقة نسائه لأنهم محبوسات عنده محرمات على غيره بنص القرآن قوله: (ومؤونة عاملي) قيل: هو القائم على هذه الصدقات والناظر فيها، وقيل: كل عامل للمسلمين من خليفة وغيره، لأنه عامل للنبي صلى الله عليه وسلم، وناب عنه في أمته. وقيل: خادمه صلى الله عليه وسلم، وقيل: حافر قبره، وقيل: الأجير. فإن قيل: كيف اختصت النساء بالنفقة والعامل بالمؤونة وهل بينهما فرق؟ قيل له: بأن المؤونة القيام بالكفاية، والإنفاق بذل القوة، وهذا يقتضي أن النفقة دون المؤونة وكان لا بد من النفقة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فاقتصر على ما يدل عليه. والعامل في صورة الأجير فيحتاج إلى ما يكفيه فاقتصر على ما يدل عليه. قوله: (فهو صدقة) يعني: لا تحل لآله.
ومما يستفاد من الحديث: جواز الوقف وأن يجري بعد الوفاة كالحياة فلا يباع ولا يملك حكم الشارع فيما أفاء الله عليه بأنه لا يورث، ولكن يصرف لما ذكره والباقي لمصالح المسلمين، وههنا أساء الأدب صاحب (التوضيح): حيث قال: وبين أي: الحديث المذكور فساد قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه.
قلت: الفساد قول من لا يدرك الأمور، فأبو حنيفة لم ينفرد ببطلان الوقف ولإقالة برأيه، وهذا شريح قال: جاء محمد ببيع الحبس ولأن الملك فيه باق، ولأنه يتصدق بالغلة وبالمنفعة المعدومة وهو غير جائز إلا في الوصية.
0376 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن، فقالت عائشة: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا نورث ما تركنا صدقة) (انظر الحديث 4304 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة. ورجاله قد ذكروا غير مرة.
والحديث أخرجه مسلم في المغازي عن يحيى بن يحيى. وأخرجه أبو داود في الخراج عن القعنبي. وأخرجه النسائي في الفرائض عن قتيبة، ثلاثتهم عن مالك به.
4 ((باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ترك مالا فلأهله))) أي: هذا باب في ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ترك مالا فلأهله) أي: فهو لأهله.
1376 حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن ابن شهاب حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته).
مطابقته للترجمة في آخر الحديث، لأن ورثته هم أهله.
وعبدان لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي، يروي عن: عبد الله بن المبارك المروزي عن يونس بن يزيد عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة.
والحديث أخرجه مسلم أيضا في الفرائض عن زهير بن حرب وغيره.
قوله: (أنا أولى بالمؤمنين) هكذا أورده مختصرا، وقد مضى في الكفالة من طريق عقيل عن ابن شهاب ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يؤتى بالرجل المتوفي عليه الدين فيقول: هل ترك لدينه قضاء؟ فإن قيل: نعم صلى عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم... الحديث. قوله: (فمن مات) يعني من المسلمين، والحال أن عليه دينا ولم يترك وفاء أي: ما بقي بدينه. قوله: (فعلينا قضاؤه) قال المهلب: هذا، لوعد منه لما وعد الله به من الفتوحات من ملك الكسرى وقيصر، وليس على الضمان بدليل تأخره عن الصلاة على المديان حتى ضمنه بعض من حضر، وقال غيره: إنه ناسخ لترك الصلاة على من مات وعليه دين. وقوله: (فعلينا قضاؤه) أي: فعلينا الضمان اللازم، وقال الكرماني: قضاء دين المعسر الميت كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وكان من خالص ماله