قال ذلك ليذكرهم أنها واجبة التعظيم. قوله: (فشددت الرحل) قائله أنس، وهو الذي نزل وشد الرحل، وفي أواخر الجهاد من وجه آخر عن يحيى بن أبي إسحاق، وفيه: أن الذي فعل ذلك أبو طلحة، وأن الذي قال: المرأة، رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاختلاف فيه على يحيى بن أبي إسحاق راويه عن أنس، قال شعبة: عنه، ما في هذا الباب. وقال عبد الوارث وبشر بن المفضل كلاهما عنه: ما ذكره في الجهاد وهو المعتمد، فإن القصة واحدة ومخرج الحديث واحد ولا سيما أن أنسا كان إذ ذاك صغيرا يعجز عن تعاطي هذا الأمر، ولكن لا يمتنع أن يساعد أبا طلحة زوج أمه على شيء من ذلك، فبهذا يرتفع الإشكال.
103 ((باب الإستلقاء ووضع الرجل على الأخراى)) أي: هذا باب في بيان استلقاء الرجل على قفاه ووضع إحدى رجليه على الرجل الأخرى، وجه ذكر هذه الترجمة في كتاب اللباس، وبه ختمه، وهو أنه لولا اللباس لانكشفت عورته عند استلقائه، أو: من جهة مماسة الظهر للباس أو للبساط.
5969 حدثنا أحمد بن يونس حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه أنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم يضطجع في المسجد رافعا إحدى رجليه على الأخرى. (انظر الحديث 475 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي نسب إلى جده، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، كان على قضاء بغداد، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري، وعباد بتشديد الباء الموحدة ابن تميم بن زيد بن عاصم الأنصاري المدني، يروي عن عمه عبد الله بن زيد الأنصاري.
والحديث مضى في كتاب الصلاة في: باب الاستلقاء في المسجد، أخرجه عن عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن تميم... إلى آخره. وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، واحتج بهذا الحديث جماعة منهم: الحسن البصري والشعبي وسعيد بن المسيب وأبو مجاز ومحمد ابن الحنفية، وخالفهم آخرون فقالوا: يكره ذلك، منهم: محمد بن سيرين ومجاهد وطاووس وإبراهيم النخعي فإنهم احتجوا فيه بما رواه مسلم من حديث جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، (نهى عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره)، وأجابوا عنه بأنه منسوخ بفعله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يدل عليه حديث الباب، وفعله صلى الله عليه وسلم، على وجه الراحة، وكذا فعله الصديق والفاروق وعثمان رضي الله عنهم، ولا يجوز أن يخفى عليهم النسخ في ذلك.
78 ((كتاب الأدب)) سقطت البسملة عند البعض. قوله: (كتاب الأدب) أي: هذا كتاب في بيان الأدب وله أنواع سنذكرها، وقد قلنا فيما مضى: إن الكتاب يجمع الأبواب، والأبواب تجمع الفصول، ولم يذكر في البخاري لفظ: فصل، غير أنه يذكر في بعض المواضع لفظ: باب، كذا مجردا وهو عنده بمنزلة الفصل يتعلق بما قبله، أما الأدب فقال القزاز: يقال: أدب الرجل يأدب إذا كان أديبا كما يقال: كرم يكرم إذا كان كريما، والأدب مأخوذ من المأدبة وهو طعام يتخذ ثم يدعى الناس إليه فكان الأدب مما يدعى كل أحد إليه. يقال: أدبه المؤدب تأديبا فهو مؤدب بفتح الدال. والمعلم مؤدب بكسر الدال وذلك لأنه يردد إليه الدعوة إلى الأدب فكثر الفعل التشديد والأدب الداعي، وفي كتاب الواعي) لأبي محمد: سمي الأدب أدبا لأنه يدعوه إلى المحامد، وقال ابن طريف في (الأفعال): أدب الرجل، وأدب بضم الدال وكسرها أدبا: صار أديبا في خلق أو علم. وقال الجوهري: الأدب أدب النفس والدرس، تقول منه: أدب رجل فهو أديب، وفي (المنتهى) لأبي المعالي: استأدب الرجل بمعنى تأدب، والجمع أدباء، وعن أبي زيد: الأدب اسم يقع على كل رياضة محمودة