عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ٢٢٩
79 ((كتاب الاستئذان)) أي: هذا كتاب في بيان أمر الاستئذان، وهو طلب الإذن في الدخول في محل لا يملكه المستأذن، وذكر ابن بطال في شرح هذا الكتاب قبل كتاب اللباس بعد المرتدين والمحاربين، ولم يدر ما كان مراده من ذلك.
1 ((باب بدء السلام)) أي: هذا باب في بيان بدء السلام، والبدء بفتح الباء الموحدة وسكون الدال المهملة وبالهمزة في آخره بمعنى الابتداء، أي: أول ما يقع السلام، وإنما ترجم بالسلام للإشارة إلى أنه لا يؤذن لمن لم يسلم، وقد أخرج أبو داود عن ابن أبي شيبة بإسناد جيد عن ربعي بن حراش: حدثني رجل أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فقال: أألج؟ فقال لخادمه: أخرج إلى هذا فعلمه، فقال: قل السلام عليكم! أأدخل؟... الحديث، وصححه الدارقطني.
6227 حدثنا يحياى بن جعفر حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: إذهب فسلم على أولائك النفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن. (انظر الحديث 3326).
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (فسلم على أولئك النفر من الملائكة) فإن فيه البدء بالسلام.
و يحيى بن جعفر بن أعين أبو زكريا البخاري البيكندي بكسر الباء الموحدة، مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين، و عبد الرزاق بن همام، و معمر بفتح الميمين ابن راشد البصري، و همام بتشديد الميم ابن منبه بفتح النون وتشديد الباء الموحدة المكسورة الصنعاني.
والحديث قد مضى في خلق آدم عن عبد الله بن محمد وليس فيه لفظ: على صورته، ولا فيه لفظ: النفر ولا لفظ. جلوس ولا لفظ. بعد، والباقي مثله. وأخرجه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق... إلى آخره.
قوله: (على صورته) أي على صورة آدم لأنه أقرب أي: خلقه في أول الأمر بشرا سويا كامل الخلقة طويلا ستين ذراعا كما هو المشاهد، بخلاف غيره فإنه يكون أولا نطفة ثم علقه ثم مضغة ثم جنينا ثم طفلا ثم رجلا حتى يتم طوله فله أطوار، وقال ابن بطال: أفاد صلى الله عليه وسلم بذلك إبطال قول الدهرية: إنه لم يكن قط إنسان إلا من نطفة، ولا نطفة إلا من إنسان، وقول القدرية: إن صفات آدم على نوعين: ما خلقها الله تعالى وما خلقها آدم بنفسه، قال: وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم مر برجل يضرب عبده في وجهه لطما فزجره عن ذلك، وقال: خلق الله آدم على صورته، فالهاء كناية عن المضروب وجهه، قال: وقد يقال: هو عائد إلى الله تعالى، لكن الصورة هي الهيئة وذلك لا يصح إلا على الأجسام، فمعنى الصورة الصفة كما يقال: عرفني صورة هذا الأمر أي: صفته، يعني: خلق آدم على صفته أي حيا عالما سميعا بصيرا متكلما، أو هو إضافة تشريفية نحو: بيت الله وروح الله، لأنه ابتدأها لا على مثال سابق بل بمحض الاختراع فشرفها بالإضافة إليه. قوله: (طوله ستون ذراعا). ولم يبين عرضه هنا، وجاء أن عرضه كان سبعة أذرع. قوله: (النفر) بفتح الفاء وسكونها: عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة، وهو مجرور في الرواية ويجوز أن يكون مرفوعا على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هم النفر من الملائكة، وقال بعضهم: ويجوز الرفع والنصب. قلت: لا وجه للنصب إلا بتكلف. قوله: (جلوس) جالس وارتفاعه على أنه خبر بعد خبر، ومن حيث العربية يجوز نصبه على الحال. قوله: (فاستمع) في رواية الكشميهني، فاسمع. قوله: (ما يحيونك) من التحية، كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر: ما يجيبونك، بالجيم من الجواب. قوله: (فإنها) أي: فإن الكلمات التي يحيون بها، قيل: المراد من قوله: (ذريتك) المسلمون. قوله:
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»