عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ٢٠١
وحكي فيه القصر وهو جمع دباءة. قوله: (والحنتم) بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح التاء المثناة من فوق وهي جرار خضر، وقال ابن حبيب: هي الجر، وهو كل ما كان من فخار أبيض وأخضر، وأنكره بعض العلماء، وقال: الحنتم ما طلي وهو المعمول من الزجاج وغيره ويعجل الشدة في الشراب بخلاف ما لم يطل، (والنقير) أصل النخلة يجوف وينبذ فيه وهو على وزن فعيل بمعنى مفعول يعني المنقور، (والمزفت) الذي يطلى بالزفت.
99 ((باب ما يدعى الناس بآبائهم)) أي: هذا باب في بيان ما يدعى الناس بآبائهم أي: بأسماء آبائهم يوم القيامة، وكلمة: ما يجوز أن تكون مصدرية أي: باب دعاء الناس، والمصدر مضاف إلى مفعوله والفاعل محذوف أي: دعاء الداعي الناس بأسماء آبائهم، ووقع لابن بطال: باب هل يدعى الناس بآبائهم؟.
6177 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الغادر يرفع له لواء يوم القيامة، يقال: هاذه غدرة فلان بن فلان.
مطابقته للترجمة في قوله: (فلان بن فلان) كناية عن اسم يسمى به المحدث عنه خاص غالب، وفي غير الناس يقال: الفلان والفلانة بالألف واللام.
ويحيى هو القطان، وعبيد الله بن عبد الله العمري.
والحديث أخرجه مسلم في المغازي عن زهير بن حرب.
قوله: (الغادر) ويروى أن الغادر هو الناقض للعهد الغير الوافي به. قوله: (يرفع له) وفي رواية الكشميهني: ينصب له، والنصب والرفع هاهنا بمعنى واحد. قوله: (لواء) وهو العلم، كان الرجل في الجاهلية إذا غدر يرفع له لواء أيام الموسم ليعرفه الناس فيجتنبوه. قوله (هذه غدرة فلان) يعني باسمه المخصوص وباسم أبيه، كذلك قال ابن بطال: الدعاء لآباء أشد في التعريف وأبلغ في التمييز. فإن قلت: روى أبو داود من حديث أبي الدرداء رفعه، إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم، ورواه ابن حبان وصححه، فلم ترك البخاري هذا وهو أصرح بالمقصود؟ قلت: لأن في سنده انقطاعا بين عبد الله ابن أبي زكرياء راويه عن أبي الدرداء فإنه لم يدركه وتركه لأنه ليس على شرطه، وفي حديث الباب رد لقول من يزعم أنه لا يدعى الناس يوم القيامة إلا بأمهاتهم، لأن في ذلك سترا على آبائهم، وفيه جواز الحكم بظواهر الأمور.
6178 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الغادر ينصب له لواء يعلأم القيامة فيقال: هاذه غدرة فلان بن فلان.
هذا طريق آخر في الحديث المذكور وهو ظاهر.
100 ((باب لا يقل: خبثت نفسي)) أي: هذا باب في بيان أن الأدب أن لا يقول أحد: خبثت نفسي، لأجل كراهة لفظ، الخبث حرام على المؤمنين، وخبث بفتح الخاء المعجمة وضم الباء الموحدة، ويقال بفتحها والضم صواب. قال الراغب: الخبيث يطلق على الباطل في الاعتقاد والكذب في المقالة والقبح في الفعال، وقال ابن بطال: ليس النهي على سبيل الإيجاب، وإنما هو من باب الأدب، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الذي يعقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد: أصبح خبيث النفس كسلان.
6179 حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقولن أحدكم: خبثت نفسي! ولاكن ليقل : لقست نفسي.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وسفيان هو ابن عيينة يروي عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة.
والحديث أخرجه مسلم في الأدب. وأخرجه النسائي في اليوم والليلة جميعا بالإسناد المذكور.
قوله: (لقست) بكسر القاف وبالسين المهملة هو أيضا بمعنى: حبثت، لكن كره لفظ الخبث كما ذكرنا، وقال الخطابي: لقست وخبثت
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»