عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ١٣٦
في باب قبول الصيد فإنه أخرجه هناك عن سليمان بن حرب عن شعبة إلى آخره.
قوله: (أنفجنا) من الإنفاج بالنون والفاء والجيم وهو التهييج والإثارة في رواية مسلم استنفجنا وهو من باب الاستفعال ومنه يقال: نفج الأرنب إذا ثار وعدا وانتفج كذلك وأنفجته أنا أثرته من موضعه، ووقع في (شرح مسلم للمازري) بعجنا، بالباء الموحدة والعين المهملة والجيم، وفسره بالشق من بعج بطنه إذا شقه، ورده عياض ونسبه إلى التصحيف لفساد المعنى لأن الذي يشق بطنه كيف يسعى خلفه؟ قوله: (بمر الظهران)، قد فسرناه عن قريب بأنه اسم موضع على مرحلة من مكة. قوله: (فلغبوا)، بفتح الغين المعجمة وكسرها. أي: تعبوا ووقع في رواية الكشميهني بلفظ: تعبوا قوله: (فأخذتها)، وزاد في كتاب الهبة فأدركتها فأخذتها وفي رواية مسلم: فسعيت حتى أدركتها وفي رواية أبي داود وكنت غلاما حزورا أي: مراهقا. قوله: (إلى أبي طلحة)، هو زوج أم أنس، واسمه زيد بن سهل الأنصاري. قوله: (فذبحها)، وفي رواية الطيالسي: فذبحها بمروة. قوله: (أو بفخذيها)، شك من الراوي. قوله: (فقبلها)، أي: الهدية وتقدم في الهبة قلت: وأكل منه؟ قال: وأكل منه.
واختلفوا فيه فعامة العلماء على جواز أكل الأرنب وكرهه عمرو بن العاص وابنه وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعكرمة، وحكى الرافعي عن أبي حنيفة أنه حرمها وغلطه النووي في النقل عن أبي حنيفة. قلت: هذا جدير بالتغليظ فإن أصحابنا قالوا: لا خلاف فيه لأحد من العلماء قال الكرخي: ولم يروا جميعا بأسا بأكل الأرنب، وأنه ليس من السباع ولا من أكلة الجيف.
ورويت فيه أحاديث وأخبار كثيرة. منها: ما رواه الترمذي من رواية الشعبي عن جابر بن عبد الله أن رجلا من قومه صاد أرنبا أو ثنتين فذبحهما بمروة فقطعهما حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فأمره بأكلهما وانفرد الترمذي به. ومنها: ما رواه ابن ماجة من حديث الشعبي عن محمد بن صيفي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، بأرنبين فذبحتهما بمروة فأمرني بأكلهما. ومنها: ما رواه ابن أبي شيبة بإسناد جيد من حديث عمار قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهدى إليه رجل من الأعراب أرنبا فأكلناه. فقال الأعرابي: إني رأيت بها دما فقال صلى الله عليه وسلم: (لا بأس). ومنها: ما رواه الدارقطني من حديث ابن عباس عن عائشة. قالت: أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرنب وأنا نائمة فخبأ لي منها العجز فلما قمت أطعمني، وفي سنده زيد بن عياض وهو ضعيف. ومنها: ما رواه ابن أبي شيبة حدثنا وكيع عن إبراهيم أن رجلا سأل عبد الله بن عمير عن الأرنب؟ فقال: لا بأس بها قال: إنها تحيض؟ قال: إن الذي يعلم حيضها يعلم طهرها، وإنما هي حاملة من الحوامل وعن ابن المسيب عن سعد أنه كان يأكلها. قيل لسعد: ما تقول؟ قال: كنت آكلها وعن عبيد بن سعد أن بلالا رأى أرنبا فذبحها فأكلها وعن الحسن أنه كان لا يرى يأكلها بأسا وقال طاووس: الأرنب حلال. وقال حسن بن علي، رضي الله تعالى عنهم: أنا أعافها ولا أحرمها على المسلمين وقال ابن حزم: وصح من حديث أبي هريرة أنه عليه السلام أتى بأرنب مشوية فلم يأكل منها. وأمر القوم بأكلها. وأما ما رواه عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى بأرنب فقيل له: إنها تحيض فكرهها فمرسل، وما رواه عبد الرزاق عن إبراهيم بن عمر عن عبد الكريم بن أمية قال: سأل جرير بن أنس النبي صلى الله عليه وسلم، عن الأرنب فقال: لا آكلها أنبئت أنها تحيض. فقال ابن حزم: أبو أمية هالك، وذكر حمزة الأصبهاني أن الجن تهرب من لعب الأرنب، وذلك أن الأرنب ليست من مطايا الجن لأنها تحيض.
33 ((باب: * (الضب) *)) أي: هذا باب في بيان أحكام الضب، وهي دويبة تشبه الحرذون، وأكبر منه، وتكنى أبا حسل، بكسر الحاء وسكون السين المهملتين وباللام، ويقال للأنثى: ضبة ويقال للذكر ذكران لأجل أن لذكره فرجين وذكر ابن خالويه أن الضب يعيش بسبعمائة سنة وأنه لا يشرب الماء ويكتفي بالنسيم وبرد الهواء، ولا يخرج من جحره في الشتاء، ويبول في كل أربعين يوما قطرة، ولا يسقط له سن، ويقال: إن أسنانه قطعة واحدة ويجمع على ضباب وأضب مثل كف وأكف، وفي (المحكم) والجمع ضبان وفي المثل أعق من ضب لأنه ربما أكل أصوله، ويقال ضبب البلد وأضب إذا كثر ضبابه، وأرض ضبيبة كثيرة الضباب وأرض مضببة ذات ضباب، والجمع مضاب، والمضبب الحارس الذي يصب الماء في جحره حتى يخرج ليأخذه.
5536 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد العزيز بن مسلم حدثنا عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الضب لست آكله ولا أحرمه.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»