عن الضرب كان منع الوسم أولى. قوله: (أن تضرب)، أي: الصورة، وجاء في رواية مسلم من حديث جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه وقد ذكرنا آنفا عن جابر أيضا ما رواه فيه.
* (تابعه قتيبة حدثنا العنقزي عن حنظلة وقال تضرب الصورة) * أي: تابع عبد الله بن موسى شيخ البخاري المذكور قتيبة بن سعيد شيخ البخاري أيضا في رواية حنظلة عن سالم، وأوضح قتيبة في هذه المتابعة أن المراد من قوله: أن تعلم الصورة في رواية عبيد الله أن تضرب الصورة، ورواه قتيبة عن عمرو بن محمد الكوفي العنقزي بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح القاف بعدها زاي نسبة إلى بيع العنقز. قاله ابن حبان ووثقه أيضا والعنقز المرزنجوش. وقيل: الريحان وفي (ديوان الأدب) العنقز المردكوش. قلت: المرزنجوش معرب مردكوش وهو نبت مشهور قوله: (عن حنظلة) أي: بالسند المذكور، وهو عن حنظلة عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر، وهذه المتابعة لها حكم الوصل عند ابن الصلاح لأن قتيبة من شيوخ البخاري، كما ذكرنا.
5542 حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، بأخ لي يحنكه وهو في مربد له فرأيته يسم شاة حسبته قال: في آذانها.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وهشام بن زيد بن أنس بن مالك يروي عن جده أنس.
والحديث أخرجه مسلم في اللباس عن أبي موسى وغيره وأخرجه أبو داود في الجهاد عن حفص بن عمر وأخرجه ابن ماجة في اللباس عن سويد بن سعيد.
قوله: (بأخ)، هو أخوه من أمه وهو عبد الله بن أبي طلحة. قوله: (يحنكه) من التحنيك وهو أن يدلك في حنكه ثمرة ممضوغة ونحوها. قوله: (في المربد) بكسر الميم وسكون الراء وفتح الباء الموحدة وبالدال المهملة. وهو الموضع الذي تحبس فيه الإبل كالحظيرة للغنم فإطلاق المربد هنا على موضع الغنم إما مجاز وإما حقيقة بأن أدخل الغنم إلى مربد الإبل ليسمها. قوله: (يسم) من الوسم كما ذكرنا. أي: يكوي. قوله: (شاة) وفي رواية الكشميهني، شاء، بالهمز جمع شاة. قوله: (حسبته) القائل شعبة، والضمير المنصوب فيه يرجع إلى هشام بن زيد، وقد وقع مبيتا في رواية مسلم.
وفيه: جواز الوسم في غير الآدمي، وبيان ما كان النبي، صلى الله عليه وسلم عليه من التواضع وفعل الأشغال بيده، ونظره في مصالح المسلمين. وفيه: استحباب تحنيك المولود وحمله إلى أهل الصلاح ليكون أول ما يدخل جوفه ريق الصالحين، وقال النووي: الضرب في الوجه منهي عنه في كل حيوان محترم لكنه في الآدمي أشد لأنه مجمع المحاسن، وربما شانه أو آذى بعض حواسه، وأما الوسم ففي الآدمي حرام وفي غيره مكروه والوسم هو أثر الكي قال الكرماني: والوسم في نحو نعم الصدقة في غير الوجه مستحب وقال أبو حنيفة: مكروه لأنه تعذيب ومثلة، وقد نهى عنهما. وأجيب: عنه بأن ذلك النهي عام وحديث الوسم خاص فوجب تقديمه قلت: إذا علم تقارنهما يقضي للخاص على العام، وإلا فلا.
36 ((باب: * (إذا أصاب قوم غنيمة فذبح بعضهم غنما أو إبلا بغير أمر أصحابهم لم تؤكل لحديث رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم) *)) أي: هذا باب في بيان ما إذا أصاب جماعة غنيمة، بفتح الغين على وزن عظيمة فذبح واحد منهم غنما أو إبلا من تلك الغنيمة بغير أمر البقية من أصحابه لم تؤكل تلك الذبيحة ولعل البخاري صار في هذا إلى أن من ذبح غير من له ولاية الذبح شرعا بالملكية أو الوكالة أو نحوها غير معتبر قوله: (لحديث رافع) الذي يذكره الآن، وجه الاستدلال به من حيث إن سرعان الناس في قصة حديثه أصابوا من الغنائم والنبي صلى الله عليه وسلم، في آخر الناس فذبحوا وعلقوا القدور فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى ذلك أمر بإكفاء القدور لأنه لم يكن لهم أن يفعلوا ذلك قبل القسمة.
* (وقال طاووس وعكرمة في ذبيحة السارق: اطرحوه) *