وبهذه الزيادة تتضح المطابقة بين الحديث والترجمة، فإذا جاز الشرب قائما على الأرض فالشرب على الدابة أحرى بالجواز لأن الراكب أشبه بالحالين.
18 ((باب الأيمن فالأيمن في الشرب)) أي: هذا باب يذكر فيه يقدم الذي على يمين الشارب، فارتفاع الأيمن بالفعل المقدر الذي ذكرناه، ويجوز أن يكون مرفوعا على أنه مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير: الأيمن أحق لفضيلة اليمين على الشمال. قوله: (فالأيمن) عطف عليه، ويجوز فيهما النصب أيضا أي: أعط الأيمن. فالأيمن. قوله: (في الشرب) أعم من شرب الماء وغيره من المشروبات، ونقل عن مالك وحده أنه خصه بالماء قال ابن عبد البر: لا يصح هذا عن مالك.
5619 حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن ابن شهاب عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن شماله أبو بكر، فشرب ثم أعطى الأعرابي، وقال: الأيمن فالأيمن.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وإسماعيل بن أبي أويس. والحديث مر عن قريب في أول شرب اللبن بالماء.
قوله: (قد شيب) على صيغة المجهول من الماضي من الشوب وهو الخلط، وأصل شيب شوب قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. قوله: (وعن يمينه أعرابي) الواو فيه للحال أي: والحال أن الذي عن يمينه أعرابي، والذي عن شماله أبو بكر رضي الله عنه فإن قلت: يقال: عن يمينه وعلى يمينه، وعن شماله وعلى شماله، فما الفرق بينهما؟ قلت: معنى: على يمينه، أنه تمكن من جهة اليمين تمكن المستعلي من المستعلى عليه، ومعنى: عن يمينه، أنه جلس متجافيا عن صاحب اليمين، ثم كثر استعماله في المتجافي وغيره، وقال الملهب: التيامن في الأكل والشرب وجميع الأشياء من السنن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحب التيامن استشعارا منه بما شرف الله عز وجل به أهل اليمين. وقال القرطبي: إنما أعطى الأعرابي لأنه كان من كبار قومه، ولذلك جلس عن يمينه. قلت: الأظهر أنه سنة، أو لعله سبق إلى اليمين، فلذلك لم يقمه لأجل الصديق، فإنه سبقه به بخلاف الصلاة، لقوله: ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، وإن لم يكن في اليمين أحد فالأكبر الأكبر، كما مضى في موضعه.
19 ((باب هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب ليعطي الأكبر)) أي: هذا باب فيه: هل يستأذن الرجل أي: يطلب الإذن من الذي هو جالس على يمينه، وقوله: من، بفتح الميم موصولة، وإنما لم يجزم الحكم وذكره بصورة الاستفهام على سبيل الاستخبار لكونها واقعة عين فيتطرق إليها احتمال التخصيص، فلا يطرد الحكم فيها لكل جليس.
5620 حدثناإسماعيل قال: حدثني مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هاؤلاء؟ فقال الغلام: والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا. قال: فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده.
مطابقته للترجمة في قوله: وإسماعيل هو ابن أبي أويس، وأبو حازم بالحاء المهملة وبالزاي واسمه سلمة بن دينار، وسهل بن سعد بن مالك الساعدي الأنصاري.
والحديث مضى في المظالم في: باب إذا أذن له أو أحله، فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك إلى آخره نحوه سواه ومضى أيضا في الهبة عن يحيى بن قزعة وقتيبة، وقد مر الكلام فيه في: باب المظالم.
قوله: (غلام) الأصح أنه كان عبد الله بن عباس، والأشياخ: خالد بن الوليد وغيره. قوله: (أتأذن لي؟) فإن قلت: لم يقل في حديث أنس: أتأذن لي؟ قلت: أجاب النووي وغيره بأن السبب فيه أن الغلام كان ابن عمه وله عليه إدلال، وكان من اليسار أقارب الغلام أيضا