ابن عبد البر: أجمعوا على أنه كان من العلماء الثقات، وقيل: إذا ثبت هذا فالراجح أن الذي روى عنه مجاهد عمرو بن الأسود وأنه شامي، وأما قيس بن ثعلبة فهو أبو عياض آخر، وهو كوفي ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال: إنه يروى عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم، روى عنه أهل الكوفة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، هكذا هو في جميع نسخ البخاري، ووقع في بعض نسخ مسلم: عبد الله بن عمر، بضم العين وهو تصحيف نبه عليه أبو علي الجياني.
والحديث أخرجه مسلم في الأشربة أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة وابن أبي عمر. وأخرجه أبو داود فيه عن محمد بن جعفر وغيره. وأخرجه النسائي فيه وفي الوليمة عن إبراهيم بن سعيد مختصرا: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في الجر غير المزفت.
قوله: (عن الأسقية) قال الكرماني: السياق يقتضي أن يقال: إلا عن الأسقية، بزيادة إلا على سبيل الاستثناء، أي: نهى عن الانتباذ إلا عن الانتباذ في الأسقية، وقال: يحتمل أن يكون معناه: لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة الأنبذة عن الجرار بسبب الأسقية وعن جهتها كقوله.
* يرمون عن أكل وعن شرب * أي: يسمنون بسبب الأكل والشرب ويتباهون في السمن به، وقال الزمخشري في مثله في قوله تعالى: * (فأزلهما الشيطان عنها) * (البقرة: 2) أي: بسببها. وقال الحميدي: ولعله نقص منه عند الرواية وكان أصله: نهى عن النبيذ إلا في الأسقية، وكذا في رواية عبد الله بن محمد: عن الأوعية، وقال عياض: ذكر الأسقية وهم من الراوي، وإنما هو: عن الأوعية، لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينه قط عن الأسقية، وإنما نهى عن الظروف قلت: الأسقية جمع سقاء وهو ظرف الماء من الجلد، وقال ابن السكيت: السقاء يكون للبن والماء، والوطب للبن خاصة، والنحي للسمن، والقربة للماء. قلت: لا وهم هنا لأن سفيان كان يرى استواء اللفظين، أعني: الأوعية والأسقية، فحدث بأحدهما مرة وبالأخرى مرة، ألا ترى أن البخاري لم يعد هذا وهما خصوصا على قول من يرى جواز القياس في اللغة؟ لا اعتراض أصلا هاهنا، فافهم. قوله: (قيل للنبي) صلى الله عليه وسلم قيل: القائل بذلك أعرابي. قوله: (فرخص)، وفي رواية: (فأرخص)، وهي لغة يقال: رخص وأرخص، وفي رواية ابن أبي شيبة، (وأذن لهم في شيء منه). قوله: (في الجر) بفتح الجيم وتشديد الراء وهو جمع جرة وهي الإناء المعمول من الفخار، وإنما قال: (غير المزفت) لأن المزفت أسرع في الشدة والتخمير، والمزفت المطلي بالزفت.
5594 حدثنامسدد حدثنا يحياى عن سفيان حدثني سليمان عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدباء والمزفت.
وجه ذكر هذا في هذا الباب لمطابقته لقوله في الحديث السابق: في الجر غير المزفت، وصرح هنا بالنهي عن المزفت، أخرجه عن مسدد عن يحيى القطان عن سفيان، يحتمل أن يكون سفيان هذا هو الثوري، ويحتمل أن يكون ابن عيينة لأن يحيى القطان روى عن السفيانين كليهما، وكل منهما روى عن سليمان الأعمش، والأعمش روى عن إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي عن الحارث بن سويد التيمي أيضا عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.
والحديث أخرجه مسلم أيضا في الأشربة عن سعيد بن عمرو وغيره. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن بشار عن يحيى القطان به، وتفسير الدباء قد مر غير مرة.
حدثنا عثمان حدثنا جرير عن الأعمش بهاذا.
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير بن عبد الحميد عن سليمان الأعمش بهذا أي: بالحديث المذكور وبالإسناد المذكور إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخرجه الإسماعيلي عن عمران بن موسى عن عثمان إلى آخره نحوه.
5595 حدثني عثمان حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قلت ل لأسود: هل سألت عائشة أم المؤمنين عما يكره أن ينتبذ فيه؟ فقال: نعم. قلت: يا أم المؤمنين! عما نهى النبي صلى الله عليه