عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ١٦٥
رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديثا لا يحدثكم به غيري. قال: من أشراط الساعة أن يظهر الجهل ويقل العلم ويظهر الزنا وتشرب الخمر ويقل الرجال وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيمهن رجل واحد.
مطابقته للترجمة في قوله: (وتشرب الخمر) وهشام هو الدستوائي، والحديث من أفراده وقد مر في كتاب العلم في: باب رفع العلم وظهور الجهل.
قوله: (لا يحدثكم به غيري) إنما قال هذا إما لأنه كان آخر من بقي من الصحابة ثمة أو لأنه عرف أنه لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، غيره. قوله: (من أشراط الساعة) أي: من علاماتها وهو جمع شرط بفتح الراء. قوله: (ويشرب الخمر) أي: ظاهرا علانية. وفي رواية الكشميهني، وشرب الخمر، بلفظ المصدرين وبالإضافة ورواية الجماعة أولى للمشاكلة. قوله: (ويقل الرجال) لكثرة الحروب ولقتال الرجال فيها. قوله: (حتى يكون لخمسين) وفي رواية الكشميهني: حتى يكون خمسون امرأة (قيمهن رجل واحد).
5578 حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب، قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمان وابن المسيب يقولان: قال أبو هريرة، رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا يزني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن.
قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الملك بن أبي بكر ابن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام أن أبا بكر كان يحدثه عن أبي هريرة ثم يقول: كان أبو بكر يلحق معهن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه أبصارهم فيها حين ينتهبها وهو مؤمن.
مطابقته للترجمة في قوله: (ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن) وأحمد بن صالح أبو جعفر المصري وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ويونس بن يزيد الأيلي وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري والحديث مر في كتاب المظالم في باب النهي بغير إذن صاحبه فإنه أخرجه هناك عن سعيد بن عفير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه إلى آخره وأخرجه مسلم في الأيمان عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب إلى آخره قوله وابن المسيب هو سعيد بن السميب قوله يقولان في موضع الحال قوله لا يزنى حين يزنى وقع في أكثر الروايات هكذا بلا ذكر فاعل لا يزنى أي لا يزنى المؤمن أو لا يزنى الزاني أو لا يزنى الرجل وقال ابن مالك فيه دلالة على جواز حذف الفاعل قلت الأصل عدم جواز حذفه إلا عند قيام قرينة قطعية تدل على ذلك وهنا كذلك قوله ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن وقال ابن بطال: هذا أشد ما ورد في شرب الخمر، وبه تعلق الخوارج فكفروا مرتكب الكبيرة عامدا عالما بالتحريم وحمل أهل السنة الإيمان هنا على الكامل أي: لا يكون كاملا في الإيمان حالة كونه في شرب الخمر. قيل: هو من باب التغليظ والتهديد العظيم نحو قوله تعالى: * (ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) * (آل عمران: 97) وقال الخطابي: أي: من فعل ذلك مستحلا له. قلت: وكذلك المعنى في كل ما ورد من هذا القبيل فمن ذلك ما رواه ابن منده بإسناده عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر. وروى ابن أبي حاتم من حديث حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس يرفعه من لقي الله وهو مدمن خمر كان كعابد الوثن، وروى ابن أبي عدي من حديث أبي هريرة يرفعه مدمن الخمر كعابد الوثن.
قوله: (قال ابن شهاب) هو موصول بالسند المذكور قوله: (أن أبا بكر) هو والد عبد الملك قوله: (يلحق) بضم الياء من الإلحاق، ومعنى الإلحاق أنه كان يزيد ذلك في حديث أبي هريرة. قوله: (معهن) أي: مع المذكورات، وهي الزنا وشرب الخمر والسرقة. قوله: (نهبة) بفتح النون وهو مصدر وبضم النون المال المنهوب. قوله: (ذات شرف) أي: مكان عال يعني: لا يأخذ الرجل مال الناس قهرا أو ظلما مكابرة وعلو أو عيانا وهم ينظرون إليه
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»