عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ١٦٩
5583 حدثنا مسدد حدثنا معتمر عن أبيه قال: سمعت أنسا قال: كنت قائما على الحي أسقيهم عمومتي وأنا أصغرهم الفضيخ، فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: إكفئها، فكفأنا. قلت لأنس: ما شرابهم؟ قال: رطب وبسر، فقال أبو بكر بن أنس: وكانت خمرهم، فلم ينكر أنس.
وحدثني بعض أصحابي أنه سمع أنسا يقول: كانت خمرهم يومئذ.
مطابقته للترجمة في قوله: (وبسر). ومعتمر هو ابن سليمان يروي عن أبيه سليمان بن طرخان البصري.
والحديث أخرجه مسلم في الأشربة أيضا عن يحيى بن أيوب وغيره. وأخرجه النسائي فيه وفي الوليمة عن سويد بن نصر. قوله: (كنت قائما على الحي أسقيهم عمومتي) الحي: واحد أحياء العرب. قوله: (عمومتي) جمع عم، قال الكرماني: عمومتي بدل عن الضمير، أو منصوب على الاختصاص، وفي رواية مسلم. إني لقائم على الحي على عمومتي أسقيهم من فضيخ لهم وأنا أصغرهم سنا، وهذا أحسن من ذاك. وفيه: أن الصغير يخدم الكبير. قوله: إكفئها) بكسر الهمزة وسكون الكاف وكسر الفاء وسكون الهمزة بمعنى: إقلبها يعني: أرقها. قوله: (فكفأنا) لجماعة المتكلم من الماضي أي: قلبناها قوله: (قلت لأنس) القائل هو سليمان والدمعتمر الراوي. قوله: (وقال أبو بكر) هو ابن أنس بن مالك في حضور أبيه، فكانت خمرهم أي: الفضيخ كانت خمرهم، ووجه التأنيث مع أن المذكور الشراب باعتبار أنه خمر. قوله: فلم يذكر أنس) وفي رواية مسلم: فلم ينكر أنس ذلك، وكأن أنسا لم يحدثهم بهذه الزيادة وهي قوله: (وكانت خمرهم) إما نسيانا وإما اختصارا، فذكره به ابنه أبو بكر فأقره عليها أنس.
قوله: (وحدثني بعض أصحابي) القائل بهذا أيضا سليمان المذكور، ويروي: بعض أصحابنا وهو موصول بالسند الأول المذكور، قيل: هذا المبهم يحتمل أن يكون بكر بن عبد الله المزني، فإن روايته في آخر الباب تومىء إلى ذلك، ويحتمل أن يكون قتادة، وسيأتي بعد أبواب من طريقه عن أنس بلفظ: وأنا نعدها يومئذ الخمر.
5584 حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا يوسف أبو معشر البراء قال: سمعت سعيد بن عبيد الله: قال حدثني بكر بن عبد الله أن أنس بن مالك حدثهم: أن الخمر حرمت والخمر يومئذ البسر والتمر.
مطابقته للترجمة ظاهرة والمقدمي بفتح الدال المشددة مر عن قريب، ويوسف هو ابن يزيد وكنيته أبو معشر وهو مشهور بكنيته أكثر من اسمه، ويقال له أيضا: القطان، وكان مشهورا أيضا بالبراء بفتح الباء الموحدة وتشديد الراء وبالمد، وكان يبري السهام وهو بصري وليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وآخر في الطب سيأتي إن شاء الله تعالى، وسعيد ابن عبيد الله بن جبير بالجيم والباء الموحدة ابن حية بالحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف، وما له أيضا في البخاري إلا هذا الحديث، وآخر تقدم في الجزية، وبكر بن عبد الله المزني البصري، وهو من أفراده.
قوله: (حرمت) على صيغة المجهول من التحريم. قوله: (والخمر)، الواو فيه للحال، وفي (التوضيح): هذا الحديث أيضا حجة على العراقيين، إنما الخمر من العنب وحده لأن الصحابة القدوة في علم اللسان ولا يجوز عليهم أن يفهموا أن الخمر إنما هي من العنب خاصة، قلت: قد تكرر هذا الكلام في هذه الأبواب بلا فائدة، والذي قاله نقص في حقهم لنسبته إياهم إلى عدم المعرفة بفنون الكلام وهم القدوة في فنون الكلام، وإنما قالوا الغير المتخذ من العنب خمرا للتشبيه بالمتخذ منه في مخالطة العقل، وقد حققنا هذا الموضع فيما مضى عن قريب.
4 ((باب الخمر من العسل وهو البتع)) الكلام فيه مثل الكلام في: باب الخمر من العنب في الوجوه التي ذكرناها. قوله (وهو البتع) بكسر الباء الموحدة وسكون التاء المثناة من فوق وبالعين المهملة، قال القزاز: وهو يتخذ من عسل النحل صلب يكره شربه لدخوله في جملة
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»