عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٢٠٤
الضجر قلق من غم وضيق نفس مع الكلام. قال الجوهري: ضرة المرأة امرأة زوجها. وقال صاحب (المحكم): الضرتان امرأتا الرجل كل واحدة منهما ضرة لصاحبتها وهن الضرائر.
9125 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن هشام عن فاطمة عن أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحدثني محمد بن المثنى حدثنا يحياى عن هشام حدثتني فاطمة عن أسماء أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن لي ضرة، فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وقوله: (المتشبع) يشمل شطري الترجمة.
وهشام هو ابن عروة بن الزبير، وفاطمة هي بنت المنذر بن الزبير، وأسماء هي بنت أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه.
والحديث أخرجه مسلم: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا وكيع وعبدة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن امرأة قال: يا رسول الله! أقول: إن زوجي أعطاني ما لم يعط. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، قال الدارقطني في (العلل): عن هشام عن أبيه عن عائشة: إنما يرويه هكذا معمر والمبارك بن فضالة، والصحيح: عن فاطمة عن أسماء. وإخراج مسلم حديث هشام عن أبيه عن عائشة لا يصح، والصواب حديث عبدة ووكيع وغيرهما عن هشام عن فاطمة عن أسماء. ولما رواه النسائي في (سننه) من حديث معمر عن هشام عن أبيه عن عائشة، قال: هذا خطأ والصواب حديث أسماء. قلت: ومسلم أخرجه أيضا من حديث هشام عن فاطمة عن أسماء، فيحتمل أن يكون كلاهما صحيحين عنده. ثم إن البخاري أخرج هذا الحديث من طريقين أحدهما: عن سليمان بن حرب عن هشام عن حماد بن زيد عن فاطمة عن أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر: عن محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد القطان عن هشام بن عروة إلى آخره.
قوله: (إن لي ضرة) وفي رواية الإسماعيلي: إن لي جارة، وهي الضرة أيضا. قوله: (جناح) أي: إثم. قوله: (إن تشبعت من زوجي) أي: قالت أسماء الراوية: إن تشبعت من زوجي الزبير بن العوام؟ كذا سميت المرأة وضرتها وبعضهم قال: لم أقف بن علي تعيين هذه المرأة وزوجها. قوله: (المتشبع) قال أبو عبيدة: المتشبع المتزين بأكثر مما عنده يتكثر بذلك ويتزين بالباطل، كالمرأة تكون لها ضرة فتشبع عندها بما تدعيه من الحظوة عند زوجها بأكثر مما عنده لها تريد بذلك غيظ صاحبها وإدخال الأذى عليها، وكذلك هذا في الرجل، وقال النووي: المتكثر بما ليس عنده مذموم مثل من لبس ثوبي زور، وقيل: هو من يلبس قميصا واحدا ويصل بكميه كمين آخرين فيظهر أن عليه قميصين، وقال الزمخشري في (الفائق): المتشبه بالشبعان وليس به، واستعير للتحلي بفضيلة لم يرزقها وشبه بلابس ثوبي زور، أي: ذي زور، وهو الذي يزور بن علي الناس بأنت يتزيا بزي أهل الصلاح رياء، وأضاف الثوبين إليه لأنهما كانا ملبوسين لأجله وهو المسوغ للإضافة، وأراد أن المتجلي كمن لبس ثوبين من الزور، وقد ارتدى بأحدهما واتزر بالآخر. كقوله:
* إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا * وقال الكرماني: معناه المظهر للشبع وهو جائع كالمزور الكاذب الملتبس بالباطل، وشبه الشبع بلبس الثوب بجامع أنهما يغشيان الشخص تشبيها تحقيقا أو تخييليا، كما قرر السكاكي في قوله تعالى: * (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) * (النحل: 211) قال: وفائدة التشبيه المبالغة إشعارا بأن الإزار والرداء زور من رأسه إلى قدمه أو الإعلام بأن في التشبع حالتين مكروهتين: فقدان ما تشبع به، وإظهار الباطل. وقال الخطابي: هذا متأول بن علي وجهين: أحدهما: أن الثوب مثل، ومعناه: المتشبع بما لم يعط صاحب زور وكذب، كما يقال للرجل إذا وصف بالبراءة من العيوب إنه طاهر الثوب نقي الجيب، ونحوه من الكلام، فالثوب في ذلك مثل، والمراد به نفسه وطهارتها. والثاني: أن يراد به نفس الثوب، قالوا: كان في الحي رجل له حبة حسنة، فإذا احتاجوا إلى شهادة الزور فيشهد لهم، فيقبل لنبله وحسن ثوبه، وقال ابن التين: معناه أن المرأة تلبس ثوب وديعة أو عارية ليظن الناس أنهما لها، فلباسها لا يدوم وتفتضح بكذبها. وقال الداودي: إنما كره ذلك لأنها تدخل
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»