عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ١٦
وأزيل عنه.
3 ((باب جمع القرآن)) أي: هذا باب في بيان كيفية جمع القرآن، والمراد به جمع مخصوص وهو جمع المتفرق منه في صحف ثم تجمع تلك الصحف في مصحف واحد مرتب السور والآيات.
6894 حدثنا موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق: أن زيد بن ثابت، رضي الله عنه قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر، رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هاذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر.
قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدر الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره * ((9) لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم) * (التوبة: 821) حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبيد بن السباق، بفتح السين المهملة وتشديد الباء المدني التابعي، يكنى أبا سعيد وليس له في البخاري غير هذا الحديث. لكن كرره في الأبواب.
والحديث مضى في التفسير في آخر سورة براءة فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري، قال: أخبرني ابن السباق أن زيد بن ثابت إلى آخره، ومضى الكلام فيه هناك، ولنتكلم في بعض شيء.
فقوله: (مقتل أهل اليمامة) أي: بعد قتل مسيلمة الكذاب، وقتل من القراء يومئذ سبعمائة وقيل أكثر. قوله: (قد استحر) بسين مهملة ومثناة من فوق مفتوحة وحاء مهملة مفتوحة وراء مشددة أي: اشتد وكثر وهو بن علي وزن استفعل من الحر خلاف البرد قوله: (بالمواطن)، أي: في المواطن أي الأماكن التي يقع فيها القتال مع الكفار. قوله: (لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم)، قال الخطابي وغيره: يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم إنما لم يجمع القرآن في الصحف لما كان يترقب من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته صلى الله عليه وسلم ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك وفاء لوعده الصادق بضمان حفظه بن علي هذه الأمة المحمدية، فكان ابتداء ذلك بن علي يد الصديق، رضي الله تعالى عنه، بمشورة عمر، رضي الله تعالى عنه، ويؤيده ما أخرجه ابن أبي داود في المصاحف بإسناد حسن عن عبد خير قال: سمعت عليا، رضي الله تعالى عنه، يقول: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر رحمة الله بن علي أبي بكر، هو أول من جمع كتاب الله. فإن قلت: أخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق ابن سيرين، قال: قال علي، رضي الله تعالى عنه: لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم آليت أن لا آخذ بن علي ردائي إلا لصلاة جمعة حتى أجمع القرآن، فجمعه قلت: إسناده ضعيف لانقطاعه، ولئن سلمنا كونه
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»