عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ١٣
المزي، وقال الحميدي في مسند أم سلمة: وقالوا: فيه فضيلة أم سلمة ودحية، وقال بعضهم: وفيه نظر لأن أكثر الصحابة رأوا جبريل، عليه السلام، في صورة الرجل. قلت: هذا فيه نظر لأن ذكر هذا الأم سلمة فضيلة لا يستلزم نفي فضيلة غيرها من النساء. وقوله: أكثر الصحابة رأوا جبريل، غير مسلم بن علي ما لا يخفى.
1894 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليت حدثنا سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من الأنبياء نبي إلا اعطي ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكثرهم تابعا يوم القيامة.
مطقابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (أوتيته وحيا أوحاه الله) وسعيد المقبري يروي عن أبيه كيسان.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الاعتصام عن عبد العزيز بن عبد الله وأخرجه مسلم في الأيمان. وأخرجه النسائي في التفسير وفي فضائل القرآن جميعا عن قتيبة. قوله: (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي) يدل بن علي أن النبي لا بد لهمن معجزه تقتضي إيمان من شاهدها بصدقه ولا يضره ممن أصر بن علي المعاندة. قوله: (ما مثله) كلمة: ما، موصولة في محل النصب لأنه مفعول ثان لأعطي. قوله: (مثله) مبتدأ. (وآمن عليه البشر) خبره، والجملة صلة الموصول، والمثل يطلق ويراد به عين الشيء أو ما يساويه. قوله: (عليه) القياس يقتضي أن يقال: به، لأن الأيمان يستعمل بالباء أو باللام ولا يستعمل بعلى، ولكن فيه تضمين معنى الغلبة أي: يؤمن بذلك مغلوبا عليه بحيث لا يستطيع دفعه عن نفسه، لكن قد يخذل فيعاند، وقال الطيبي: لفظ (عليه) هو حال أي: مغلوبا عليه في التحدي والمباراة، أي: ليس نبي إلا قد أعطاه الله من المعجزات الشيء الذي صفته أنه إذا شوهد اضطر الشاهد إلى الأيمان به، وتحريره أن كل نبي اختص بما يثبت دعواه من خارق العادات بحسب زمانه: كقلب العصا ثعبانا، لأن الغلبة في زمان موسى للسحر، فأتاهم بما فوق السحر فاضطرهم إلى الأيمان به، وفي زمان عيسى الطب، فجاء بما هو أعلى من الطب وهو إحياء الموتى، وفي زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغة فجاءهم بالقرآن. قوله: (آمن)، وقع في رواية حكاها ابن قرقول (أو من) بضم ثم واو، قال أبو الخطاب: كذا قيدناه في رواية الكشميهني والمستملي، وقال ابن دحية: وقيده بعضهم أيمن بكسر الهمزة بعدها ياء وميم مضمومة، وفي رواية القابسي: أمن بغير مدمن الأمان، والكل راجع إلى معنى: الإيمان، والأول هو المشهور.
وقال النووي اختلف في معنى هذا الحديث بن علي أقوال: أحدها: أن كل نبي أعطى من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء فآمن به البشر وأما معجزتي العظيمة الظاهرة فهي القرآن الذي لم يعط أحد مثله فلهذا أنا أكثرهم تبعا. والثاني: أن الذي أوتيته لا يتطرق إليه تخييل بسحر أو تشبيه، بخلاف معجزة غيري فإنه قد يخيل الساحر بشيء مما يقارب صورتها كما خيلت السحرة في صورة عصا موسى، عليه السلام، والخيال قد يروج بن علي بعض العوام، والفرق بين المعجزة والتخييل يحتاج إلى فكر، فقد يخطئ الناظر فيعتقدهما سواء. والثالث: أن معجزات الأنبياء، عليهم السلام، انقرضت بانقراضهم ولم يشاهدها إلا من حضرها بحضرتهم، ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم القرآن المستمر إلى يوم القيامة.
قوله: (وإنما كان الذي أوتيته وحيا) كلمة: إنما، للحصر، ومعجزة الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن منحصرة في القرآن، وإنما المراد أنه أعظم معجزاته وأفيدها فإنه يشتمل بن علي الدعوة والحجة وينتفع به الحاضر والغائب إلى يوم القيامة، فلهذا راتب عمله قوله: (فأرجوان أكون أكثرهم) أي: أكثر الأنبياء تابعا أي أمة تظهر يوم القيامة.
2984 حدثنا عمرو بن محمد حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب. قال: أخبرني أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن الله تعالى تابع على رسوله صلى الله عليه وسلم الوحي قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد.
مطابقته للترجمة ظاهرة وعمرود وبالفتح ابن محمد البغدادي الملقب بالناقد، ويعقوب بن إبراهيم يروي عن أبيه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
والحديث أخرجه مسلم في آخر الكتاب عن الناقد وغيره وأخرجه النسائي في
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»