عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٢٧
دون واسطة. الثالث: أريد، به أن هؤلاء الأربعة ظهروا به وانتصبوا لتلقيته وتعليمه. الرابع: أريد به مرسوما في مصحف أو صحف. الخامس: قاله أبو بكر بن العربي: أريد به أنه لم يجمع ما نسخ منه وزيد رسمه بعد تلاوته إلا هؤلاء الأربعة. السادس: قال الماوردي: أريد به أنه لم يذكره أحد عن نفسه سوى هؤلاء. السابع: أريد، به أن من سواهم ينطق بإكماله خوفا من الرياء واحتياطا بن علي النيات. وهؤلاء الأربعة أظهروه لأنهم كانوا آمنين بن علي أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم. الثامن: أريد بالجمع الكتابة فلا ينفي أن يكون غيرهم جمعه حفظا عن ظهر قلبه، وأما هؤلاء فجمعوه كتابة وحفظوه عن ظهر القلب. التاسع: أن قصارى الأمر أن أنسا قال: جمع القرآن بن علي عهده صلى الله عليه وسلم أربعة، قد يكون المراد: أني لا أعلم سوى هؤلاء، ولا يلزمه أن يعلم كل الحافظين لكتاب الله تعالى. العاشر: أن معنى قوله: جمع أي:
سمع له وأطاع. وعمل بموجبه، كما روي أحمد في كتاب الزهد: أن أبا الزاهرية أتى أبا الدرداء، فقال: إن ابني جمع القرآن، فقال: اللهم اغفر، إنما جمع القرآن من سمع له وأطاع، لكن يعكر بن علي هذا أن الخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة كلهم كانوا سامعين مطيعين، وأما الذين جمعوه غيرهم، فالخلفاء الأربعة جمعوا القرآن بن علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكره أبو عمرو وعثمان بن سعيد الداني، وقال أبو عمر: جمعه أيضا بن علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص، وعن محمد بن كعب القرظي: جمع القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت وأبو أيوب خالد بن زيد، ذكره ابن عساكر، وعن الداني: جمعه أيضا أبو موسى الأشعري ومجمع بن جارية، ذكره ابن إسحاق وقيس ابن أبي صعصعة عمرو بن زيد الأنصاري البدري، ذكره أبو عبيد بن سلام في حديث مطول، وذكر ابن حبيب في المحبر جماعة ممن جمع القرآن بن علي عهده صلى الله عليه وسلم فيهم: سعد بن عبيد بن النعمان الأوسي، وقال ابن الأثير: وممن جمع القرآن بن علي عهده صلى الله عليه وسلم: قيس بن السكن وأم ورقة بنت نوفل، وقيل: بنت عبد الله بن الحارث وذكر ابن سعد أنها جمعت القرآن، وذكر أبو عبيدة القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فعد من المهاجرين الأربعة وطلحة وسعدا وابن مسعود وحذيفة وسالما وأبا هريرة وعبد الله بن السائب والعبادلة، ومن النساء: عائشة وحفصة وأم سلمة، وذكر ابن أبي داود من المهاجرين أيضاتميم بن أوس الداري وعقبة بن عامر ومن الأنصار: معاذ الذي يكنى أبا حليمة وفضالة بن عبيد ومسلمة بن مخلد، وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قرأت القرآن وأنا ابن عشر سنين، وقد ظهر من هذا أن الذين جمعوا القرآن بن علي عهده صلى الله عليه وسلم لا يحصيهم أحد ولا يضبطهم عدد، وذكر القاضي أبو بكر: فإن قيل: إذا لم يكن دليل خطاب فلأي شيء خص هؤلاء الأربعة بالذكر دون غيرهم؟ قيل له: إنه يحتمل أن يكون ذلك لتعلق غرض المتكلم بهم دون غيرهم، أو يقول: إن هؤلاء فيهم دون غيرهم. فإن قلت: قد حاول بعض الملاحدة فيه بأن القرآن شرطه التواتر في كونه قرآنا، ولا بد من خبر جماعة أحالت العادة تواطئهم بن علي الكذب قلت: ضابط التواتر العلم به، وقد يحصل بقول هؤلاء الأربعة، وأيضا ليس من شرطه أن يتقبل جميعهم بل لو حفظه كل جزء منه عدد التواتر لصارت الجملة متواترا، وقد حفظ جميع أجزائه مئون لا يحصون.
تابعه الفضل عن حسين بن واقد عن ثمامة عن أنس أي: تابع حفص بن عمر في روايته هذا الحديث الفضل بن موسى السيناني عن حسين بن واقد بالقاف عن ثمامة بضم الثاء المثلثة ابن عبد الله قاضي البصرة عن جده أنس بن مالك، ووصل هذه المتابعة إسحاق بن راهويه في مسنده عن الفضل ابن موسى فذكره.
4005 حدثنامعلى بن أسدغ حدثنا عبد الله بن المثنى قال: حدثني ثابت البناني وثمامة عن أنس قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه.
مطابقته للترجمة من حيث إن هؤلاء المذكورين فيه من القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث من أفراده، وهذا يخالف رواية قتادة عن أنس من وجهين: أحدهما: التصريح بصيغة الحصر في الأربعة. الآخر: ذكر أبي الدرداء بدل أبي بن كعب، وقد مر
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»