عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ١٠٤
وقال الأوزاعي إن دخل بالأم فعراها ولمسها بيده أو أغلق بابا أو أرخى سترا فلا يحل له نكاح ابنتها. واختلفوا في النظر، فقال مالك: إذا نظر إلى شعرها أو صدرها أو شيء من محاسنها بلذة حرمت عليه أمها وبنتها. وقال الكوفيون: إذا نظر إلى فرجها بشهوة كان بمنزلة اللمس بشهوة، وقال ابن أبي ليلى: لا تحرم بالنظر حتى يلمس. وبه قال الشافعي، وقد روي التحريم بالنظر عن مسروق والتحريم باللمس عن النخعي والقاسم ومجاهد.
وقال ابن عباس: الدخول والمسيس واللماس: هو الجماع أشار به إلى أن معنى هذه الألفاظ الجماع، ذكرها الله تعالى في القرآن، وروي عبد الرزاق من طريق بكر بن أبي عبد الله المزني قال: قال ابن عباس: الدخول والعشي والإفضاء والمباشرة والرفث: الجماع، إلا أن الله تعالى حي كريم يكني بما شاء عمن شاء.
ومن قال: بنات ولدها من بناته في التحريم لقول النبي صلى الله عليه وسلم. لأم حبيبة: لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن يعني الذي قال: حكم بنات ولد المرأة كحكم بنات المرأة في التحريم بن علي الرجل محتجا بقوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة: (لا تعرضن علي بناتكن) ووجه دلالة الحديث عليه أن لفظ البنات متناول لبنات البنات، وإن لم يكن في حجره يعني: الربيبة مطلقا. وحديث أم حبيبة قد تقدم عن قريب.
قوله: (ومن قال) إلى قوله: حدثنا الحميدي، لم يثبت في رواية أبي ذر عن السرخسي.
وكذلك ولد الأبناء هن حلائل الأبناء أي: كذلك في الترحيم ولد الأبناء هن حلائل الأبناء أي: أزواجهم، وهذا لا خلاف فيه.
وهل تسمى الربيبة وإن لم تكم في حجره إنما ذكره بالاستفهام لأن فيه خلافا. وهو أن التقييد بالحجر شرط أم لا؟ وعند الجمهور: ليس بشرط، وذكر لفظ الحجر بالنظر إلى الغالب ولا اعتبار لمفهوم المخالفة إذا كان الكلام خارجا بن علي الأغلب والعادة، وعند الظاهرية. لا تحريم إلا إذا كانت في حجره، وقد مر الكلام فيه عن قريب.
ودفع النبي صلى الله عليه وسلم، ربيبة له إلى من يكفلها ذكر هذا في معرض الاحتجاج بن علي كون الربيبة في الحجر ليس بشرط، كما ذهب إليه أهل الظاهر، ووجهه أنه صلى الله عليه وسلم دفع ربيبة له إلى من يكلفها. قوله: (دفع النبي صلى الله عليه وسلم) طرف من حديث رواه البزار والحاكم من طريق أبي إسحاق عن فروة بن نوفل الأشجعي عن أبيه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم دفع إليه زينب بنت أم سلمة، وقال: إنما أنت ظئري. قال: فذهب بها ثم جاء فقال: ما فعلت الجويرية؟ قال: عند أمها يعني من الرضاعة، وجئت لتعلمني، فذكر حديثا فيما يقرأ عند النوم. قلت: نوفل الأشجعي له صحبة نزل الكوفة، قال أبو عمر: لم يرو عنه غير بنيه: فروة وعبد الرحمن وسحيم بنو نوفل، حديثه في * (قل يا أيها الكافرون) * (الكافرون: 1) مختلف فيه مضطرب الإسناد قلت: حديثه في سنن أبي داود رحمه الله تعالى، فأن قلت: احتج أهل الظاهر بقوله صلى الله عليه وسلم: لو لم يكن ربيبتي في حجري، فشرط الحجر. قلت: هذا أخرجه صالح بن أحمد عن أبيه. وأخرجه أبو عبيد أيضا، وقال ابن المنذر والطحاوي أنه غير ثابت عنه، فيه إبراهيم بن عبيد بن رفاعة لا يعرف، وأكثر أهل العلم تلقوه بالدفع والخلاف واحتجوا في دفعه بقوله لأم حبيبة: فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن، فدل ذلك بن علي انتفائه، ووهاه أبو عبيد أيضا.
وسمى النبي صلى الله عليه وسلم ابن ابنته إبنا
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»