عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٢٨٣
قفازا في كل قفاز قلة من سم، وذكره القتبي في كتابه (عيون الأخبار). عن ابن عباس، وذكر ابن وهب نحوه في (كتاب الأهوال)، وقال صاحب (التلويح) وفي (صحيح ابن حبان) أصل لهذا من حديث أبي هريرة: (يسلط على الكافر تسعة وتسعون تنينا، أتدرون ما التنين؟ سبعون حية لكل حية سبع رؤوس يلسعونه ويخدشونه إلى يوم القيامة). والمطفقون الذين ينقصون الناس ويبخسون حقوقهم في الكيل والوزن، وأصله من الشيء الطفيف وهو النزر القليل، والتطفيف البخس في الكيل والوزن لأن ما يبخس شيء طفيف حقير.
وقال مجاهد: بل ران ثبت الخطايا أي: قال مجاهد في قوله تعالى: * (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) * (المطففين: 41) وفسر: (ران) بقوله: (ثبت الخطايا) وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد. قال: أثبتت على قلوبهم الخطايا حتى غمرتها. وران من الرين وأصله الغلبة. يقال: رانت الخمر على قلبه إذا غلبت عليه فسكر، ومعنى الآية: غلبت الخطايا على قلوبهم وأحاطت بها حتى غمرتها وغشيتها. ويقال: الران والرين الغشاوة، وهو كالصدي على الشيء الصقيل.
ثوب جوزي أشار به إلى قوله تعالى: * (هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون) * (المطففين: 1) و فسر ثوب بقوله: (جوزي) على صيغة المفعول من الجزاء، وهو قول أبي عبيدة. وروي عن مجاهد أيضا.
وقال غيره: المطفف لا يوفي غيره أي: قال غيره مجاهد في قوله تعالى: * (ويل للمطففين) * (المطففين: 1) (المطفف لا يوفي غيره) أي: لا يقوم بوفاء حق غيره بل في دفعه بخس ونقص.
الرحيق الخمر ختامه مسك طينته التسنيم يعلو شراب أهل الجنة أشار به إلى قوله عز وجل: * (يسقون من رحيق) * (المطففين: 52) وفسر الرحيق بالخمر وأشار بقوله: (ختامه مسك) إلى قوله عز وجل: * (مختوم ختامه مسك) * (المطففين: 52، 62) عيني: ختمت بمسك ومنعت من أن يمسها ماس أو تتناولها يدا إلى أن يفك ختمها الأبرار يوم القيامة، وأشار بقوله: (طينته التسنيم) إلى قوله تعالى: * (ومزاجه من تسنيم) * (المطففين: 72) قال الضحاك: وهو شراب اسمه تسنيم، وهو من أشرف الشراب، وهو معنى قوله: (يعلو شراب أهل الجنة) وقال مقاتل: يسمى تسنيما لأنه يتسنم، فينصب عليهم انصبابا من فوقهم في غرفهم ومنازلهم يجري من جنة عدن إلى أهل الجنان، وهذا ثبت للنسفي وحده، وتقدم شيء من ذلك في بدء الخلق.
8394 حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا معن قال حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: * (يوم يقوم الناس لرب العالمين) * (المطففين: 6) حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه.
وجه ذكره هذا قوله تعالى: * (يوم يقوم الناس لرب العالمين) * وإبراهيم بن المنذر، بكسر الذال المعجمة اسم فاعل من الإنذار، ومعن، بفتح الميم وسكون العين المهملة. وفي آخره نون ابن عيسى الأشجعي القزاز بتشديد الزاي الأولى.
والحديث أخرجه مسلم في صفة جهنم عن عبد الله بن جعفر البرمكي، وهذا الحديث من غرائب حديث مالك وليس هو في (الموطأ).
قوله: (يوم يقوم الناس)، قيامهم فيه لله خاضعين ووصف ذاته برب العالمين بيان بليغ لعظم الذنب وتفاقم الإثم في التطفيف. قوله: (في رشحه)، أي: في عرقه. قوله: (إلى أنصاف أذنيه)، هو من إضافة الجمع إلى الجمع حقيقة ومعنى لأن لكل واحد أذنين.
48 ((سورة: * (إذا السماء انشقت) *)) أي: هذا في تفسير بعض سورة * (إذا السماء انشقت) * وفي بعض النسخ لم يذكر لفظ: سورة. وتسمى أيضا: سورة الانشقاق، وسورة انشقت، وهي مكية، وهي أربعمائة وثلاثون حرفا ومائة وسبع كلمات وثلاث وعشرون آية.
كتابه بشماله يأخذ كتابه من وراء ظهره معنى أخذ كتابه بشماله أنه يأخذ من وراء ظهره، وفسره مجاهد في قوله تعالى: * (وأما من أولى كتابه وراء ظهره) * (الانشقاق: 1) أنه نقل
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»