وأحمد وأبو ثور، ليس في عدد الثلاثة سنة ولا بدعة وإنما ذلك في الوقت.
الثاني: في قوله: (ليراجعها) دليل، على أن الطلاق غير البائن لا يحتاج إلى رضا المرأة.
الثالث: فيه دليل على أن الرجعة تصح بالقول ولا خلاف في ذلك، وأما الرجعة بالفعل فقد اختلفوا فيها. فقال عياض: وتصح عندنا أيضا بالفعل الحال محل القول الدال في العبارة على الارتجاع: كالوطء والتقبيل واللمس بشرط القصد إلى الارتجاع به، وأنكر الشافعي صحة الارتجاع بالفعل أصلا وأثبته أبو حنيفة، وإن وقع من غير قصد وهو قول ابن وهب من أصحابنا في الواطىء من غير قصد.
والرابع: استدل به أبو حنيفة أن من طلق امرأته وهي حائض فقد أثم، وينبغي له أن يراجعها فإن تركها تمضي في العدة بانت منه بطلاق.
الخامس: أن فيه الأمر بالمراجعة، فقال مالك: هذا الأمر محمول على الوجوب، ومن طلق زوجته حائضا أو نفساء. فإنه يجبر على رجعتها فسوى دم النفاس بدم الحيض، وقال أبو حنيفة وابن أبي ليلى والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: يؤمر بالرجعة ولا يجبر، وحملوا الأمر في ذلك على الندب ليقع الطلاق على السنة، ولم يختلفوا في أنها إذا انقضت عدتها لا يجبر على رجعتها، وأجمعوا على أنه إذا طلقها في طهر قد مسها فيه لا يجبر على رجعتها ولا يؤمر بذلك، وإن كان قد أوقع الطلاق على غير سنة.
السادس: أن الطلاق في الحيض محرم ولكنه إن أوقع لزم، وقال عياض: ذهب بعض الناس ممن شذ أنه لا يقع الطلاق. فإن قلت: ما الحكمة في منع الطلاق في الحيض. قلت: هذه عبادة غير معقولة المعنى، وقيل: بل هو معال بتطويل العدة.
2 ((باب: * (أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) * (الطلاق: 4)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (أولات الأحمال) * إلى آخره، وليس لفظ باب: في كثير من النسخ، ويجيء الآن تفسير: أولات الأحمال.
وأولات الأحمال: واحدها ذات حمل أشار بهذا إلى أن أولات جمع ذات، والأحمال جمع حمل، والمعنى: أن أجلهن موقت وهو وضع حملهن، وهذا عام في المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن، وهو قول عمر وابنه مسعود وأبي مسعود البدري وأبي هريرة وفقهاء الأمصار، وعن ابن عباس، أنه قال: تعتد أبعد الآجلين، وعن الضحاك أنه قرأ: آجالهن على الجمع.
9094 حدثنا سعد بن حفص حدثنا شيبان عن يحيى قال أخبرني أبو سلمة قال جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس عنده فقال أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة فقال ابن عباس آخر الأجلين قلت أنا * (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) * قال أبو هريرة أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها فقالت قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخطبت فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو السنابل فيمن خطبها .
مطابقته للترجمة ظاهرة. وسعد بن حفص أبو محمد الطلحي الكوفي، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي أبو معاوية، ويحيى هو ابن أبي كثير صالح من أهل البصرة سكن اليمامة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
والحديث أخرجه مسلم في الطلاق عن محمد بن المثنى وغيره. وأخرجه الترمذي عن قتيبة وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة وغيره في التفسير عن محمد بن عبد الله.
قوله: (وأبو هريرة) الواو فيه للحال. قوله: (آخر الأجلين) أي: أقصاهما يعني: لا بد لها من انقضاء أربعة أشهر وعشرا ولا يكفي وضع الحمل إن كانت هذه المدة أكثرهما، ومن وضع الحمل إن كانت مدته أكثر. قوله: (قلت أنا)، القائل أبو سلمة بن عبد الرحمن قوله: (أنا مع ابن أخي)، هذا على عادة العرب إذ ليس هو ابن أخيه حقيقة. قوله: (كريبا) نصب لأنه عطف بيان على قوله: (غلاما) قوله: (سبيعة)، بضم السين المهملة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف ثم عين مهملة: بنت الحارث