عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٢٣٨
2 ((باب: * (اتخذوا أيمانهم جنة يجتنون بها) * (المنافقون: 2)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (اتخذوا أيمانهم) * أي: اتخذوا المنافقون أيمانهم * (جنة يجتنون بها) * يعني: يستترون بها.
1094 حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال كنت مع عمي فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينفضوا وقال أيضا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فذكرت ذالك نعمي فذكر عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني فأصابني هم لم يصبني مثله قط فجلست في بيتي فأنزل الله عز وجل: * (إذا جاءك المنافقون) * (المنافقون: 1) إلى قوله: * (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله) * (المنافقون: 7) إلى قوله: * (ليخرجن الأعز منها الأذل) * (المنافقون: 8) فأرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها علي ثم قال إن الله قد صدقك .
هذا طريق آخر في حديث زيد بن أرقم المذكور في الباب الذي قبله، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي يروى عن جده أبي إسحاق، ومر الكلام فيه عن قريب.
3 ((باب قوله: * (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) * (المنافقون: 3)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (ذلك بأنهم) * الآية. قوله: (ذلك) أشار ما وصف من حال المنافقين في النفاق والكذب بالإيمان، أي ذلك كله بسبب أنهم آمنوا أي نطقوا بكلمة الشهادة وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام ثم كفروا ثم ظهر كفرهم بعد ذلك، فطبع على قلوبهم حتى لا يدخلهم الإيمان جزاء على نفاقهم فهم لا يفقهون صحة الإيمان وإعجاز القرآن كما يفهمه المؤمنون.
2094 حدثنا آدم حدثنا شعبة عن الحكم قال سمعت محمد بن كعب القرظي قال سمعت زيد بن أرقم رضي الله عنه قال لما قال عبد الله بن أبي لا تنفقوا على من عند رسول الله وقال أيضا لئن رجعنا إلى المدينة أخبرت به النبي صلى الله عليه وسلم فلامني الأنصار وحلف عبد الله بن أبي ما قال ذلك فرجعت إلى المنزل فنمت فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فقال إن الله قد صدقك ونزل * (هم الذين يقولون لا تنفقوا) * الآية. وقال ابن أبي زائدة عن الأعمش عن عمرو عن ابن أبي ليلى عن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم .
هذا طريق آخر من حديث زيد أخرجه عن آدم بن أبي إياس عن شعبة عن الحكم، بفتحتين ابن عتيبة مصغر عتبة الباب.
قوله: (سمعت محمد بن كعب القرظي)، زاد الترمذي في روايته منذ أربعين سنة. قوله: (أخبرت به النبي صلى الله عليه وسلم)، قال بعضهم: أي: على لسان عمي، جمعا بين الروايتين. قلت: لا يحتاج إلى هذا التأويل الذي يخالف ظاهر الكلام بل الجمع بين الروايتين بأن يقال: إنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أنكر عبد الله بن أبي ذلك. قوله: (فدعاني)، أي: فطلبني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (وقال ابن أبي زائدة)، وهو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن سليمان الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن زيد، وقال الكرماني: ابن أبي ليلى إذا أطلقه المحدثون يعنون به عبد الرحمن، وإذا أطلقه الفقهاء يريدون به ابنه محمدا القاضي الإمام، وهذا التعليق أسنده النسائي في (سننه الكبرى).
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»