عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٢١٣
ما لا يبغي أحدهما على صاحبه، وتقدير. قوله: يلتقيان. على هذا أن يلتقيا فحذف: أن وهو شائع في كلام العرب. ومنه قوله تعالى: * (ومن آياته يريكم البرق) * (الروم: 42) أي: أن يريكم البرق، وهذا يؤيد قول من قال: إن المراد بالبحرين بحر فارس وبحر الروم، لأن مسافة ما بينهما ممتدة.
المنشآت ما رفع قلعه من السفن فأما ما لم يرفع قلعه فليس بمنشأة أشار به إلى قوله تعالى: * (وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) * (الرحمن: 42) وفسرها بما ذكر، وهو قول مجاهد أيضا، والجواري السفن الكبار جمع جارية، والمنشآت المقيلات المبتديات اللاتي أنشأت جريهن وسيرهن، وقيل: المخلوقات المرفوعات المسخرات، وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم بكسر الشين، والباقون بفتحها. قوله: (قلعه) بكسر القاف واقتصر عليه الكرماني، وحكى ابن التين فتحها أيضا، وهو الشراع.
وقال مجاهد: كالفخار. كما يصنع الفخار أي: قال مجاهد في قوله تعالى: * (خلق الإنسان من صلصال كالفخار) * (الرحمن: 41) قوله: (كما يصنع) على صيغة المجهول. أي: يصنع الخزف وهو الطين المطبوخ بالنار، وليس المراد منه صانعه، فافهم، وهذا في بعض النسخ متقدم على ما قبله، وفي بعضها متأخر عنه.
النحاس: الصفر، يصب على رؤوسهم يعذبون به أشار به إلى قوله تعالى: * (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران) * (الرحمن: 53) وفسر النحاس بما ذكره، وكذا فسره مجاهد، وفي بعض النسخ: نحاس الصفر بدون الألف واللام وهو الأصوب لأنه في التلاوة كذا قوله: (فلا تنتصران) أي: فلا تمتنعان.
خاف مقام ربه يهم بالمعصية فيذكر الله عز وجل فيتركها أشار به إلى قوله عز وجل: * (ولمن خاف مقام ربه جنتان) * (الرحمن: 64) وفسره بقوله: (يهم) أي: يقصد الرجل بأن يفعل معصية أرادها ثم ذكر الله تعالى وعظمته وأنه يعاقب على المعصية ويثيب على تركها فيتركها فيدخل فيمن له جناتان، وفي بعض النسخ: وقال مجاهد: خاف مقام ربه إلى آخره، ورواه ابن المنذر عن بكار بن قتيبة. حدثنا أبو حذيفة حدثنا سفيان عن منصور عن مجاهد.
الشواظ: لهب من نار أشار به إلى قوله تعالى: * (يرسل عليكما شواظ) * (الرحمن: 53) وفسره بأنه: * (لهب من نار) * وهو قول مجاهد أيضا: وقيل: هو النار المحضة بغير دخان، وعن الضحاك. هو الدخان الذي يخرج من اللهب ليس بدخان الحطب.
مدهامتان سوداوان من الري أي: من شدة الخضرة صارت سوداوان لأن الخضرة إذا اشتدت شربت إلى السواد.
صلصال خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار ويقال منتن يريدون به صل يقال صلصال كما يقال صر الباب عند الإغلاق وصرصر مثل كبكبته يعني كببته.
أشار به إلى قوله تعالى: * (خلق الإنسان من صلصال كالفخار) * ولم يثبت هذا في رواية أبي ذر. قوله: (خلق الإنسان)، أي آدم. (من صلصال) أي: من طين يابس له صلصلة كالفخار. وفسره البخاري بقوله: خلط برمل الطين إذا خلط برمل ويبس صار قويا جدا بحيث أنه إذا ضرب خرج له صوت، وأشار إليه بقوله: (فصلصل كما يصلصل الفخار) أي: الخزف، وصلصل فعل ماض، ويصلصل مضارع، والمصدر صلصلة وصلصال. قوله: (ويقال منتن يريدون به صل)، أشار به إلى أنه يقال: لحم منتن يريدون به أنه صل، يقال: صل اللحم يصل بالكسر صلولا أي: أنتن مطبوخا كان أو نيا. وأصل مثله. قوله: (يقال: صلصال كما يقال: صر الباب)، أشار به إلى أن صلصل مضاعف صل كما يقال: صر الباب إذا صوت فيضاعف ويقال صرصر كما ضوعف كبيته فقيل كبكبته، وكما يقال في كبه كبكبه ومنه قوله تعالى: * (فكبكبوا فيها) * (الشعراء: 49) أصله: كبوا يقال: كبه لوجهه أي: صرعه فأكب هو على وجهه، وهذا من النوادر أن يقال: أفعلت أنا وفعل غيره.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»