عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٧١
والأدنى مصريون.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن يحيى بن سليمان وأخرجه مسلم في الاستسقاء عن هارون بن معروف. وأخرجه أبو داود في الأدب عن أحمد بن صالح.
قوله: (لهوانه)، بتحريك الهاء جمع لهاة وهي اللحمة المتعلقة في أعلى الحنك ويجمع أيضا على: لها بفتح اللام مقصور. قوله: (إنما كان يتبسم)، قلت: روى أنه ضحك حتى بدت نواجذه، في التوفيق بينهما. قلت: ظهور النواجذ التي هي الأسنان التي في مقدم الفم أو الأنياب لا يستلزم ظهور اللهاة. قوله: (عرفت الكراهية في وجهه)، وهي من أفعال القلوب التي لا ترى، ولكنه إذا فرح القلب تبلج الجبين، فإذا حزن أريد بالوجه فعبرت عن الشيء الظاهر في الوجه بالكراهة لأنه ثمرتها. قوله: (ما يؤمنني) من آمن يؤمن ويروى: ما يؤمني، بالهمزة وتشديد النون. قوله: (عذب قوم عاد) حيث أهلكوا يريح صرصر. قال الكرماني: فإن قلت: النكرة المعادة هي غير الأولى، وهنا القوم الذين قالوا: هذا عارض ممطرنا، هم بعينهم الذين عذبوا بالريح فيها عذاب أليم قد مر كل شيء. قلت: تلك القاعدة النحوية إنما هي في موضع لا يكون ثمة قرينة على الاتحاد، أما إذا كانت فهي بعينها الأولى لقوله تعالى: * (وهو الذي في السماء إلاه وفي الأرض إلاه) * (الزخرف: 48) ولئن سلمنا وجوب المغايرة مطلقا فلعل عادا قومان، قوم بالأحقاف، أي في الرمال وهم أصحاب العارض، وقوم غيرهم من الذين كذبوا انتهى. قلت: تمثيله بقوله: (هو الذي في السماء إلاه وفي الأرض إلاه) غير مطابق لما قاله لأن فيه المغايرة ظاهرة، لكن يحمل على معنى أن كونه معبودا في السماء غير كونه معبودا في الأرض لأن إلاها بمعنى مألوه بمعنى معبود فافهم.
74 ((* (سورة محمد صلى الله عليه وسلم) *)) أي: هذا في تفسير بعض سورة محمد، صلى الله عليه وسلم، وفي بعض النسخ: سور * (الذين كفروا) * (محمد: 3) قال أبو العباس: ذكر عن الحكم عن السدي أنه قال: هي مكية، ثم وجدنا عامة من بلغنا عنهم تفسير هذه السورة مجمعين على أنها مدينة، وقال الضحاك والسدي: مكية، وفي تفسير ابن النقيب: حكي عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، أن قوله عز وجل: * (وكأين من قرية) * (محمد: 31) نزلت بعد حجة النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة شرفها الله تعالى، وهي ألفان وثلاثمائة وتسعة وأربعون حرفا، وخمسمائة وتسع وثلاثون كلمة، وثمان وثلاثون آية.
(بسم الله الرحمن الرحيم) كذا سورة محمد بسم الله الرحمان الرحيم لأبي ذر، ولغيره * (الذين كفروا) * فحسب.
أوزارها آثامها حتى لا يبقى إلا مسلم أشار به إلى قوله تعالى: * (فأما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) * (محمد: 4) وفسر: (أوزارها) بقوله: (آثامها) فعلى تفسيره الأوزار جمع وزر والآثام جمع أثم، وقال ابن التين: لم يقل هذا أحد غير البخاري، والمعروف أن المراد بأوزارها الأسلحة. قلت: فعلى هذا الأوزار جمع وزر الذي هو السلاح، وفي (المغرب) الوزن بالكسر الحمل الثقيل، ومنه قوله تعالى: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * (الأنعام: 461) أي: حملها من الإثم وقولهم: وضعت الحرب أوزارها عبارة عن انقضائها لأن أهلها يضعون أسلحتهم حينئذ، وسمى السلاح وزرا لأنه يثقل على لابسه قال الأعشى:
* واعددت للحرب أوزارها * رماحا طوالا وخيلا طوالا * وهذا كله يقوي كلام ابن التين لا مثل ما قاله بعضهم: إن لكلام ابن التين احتمالا ويعضد كلام البخاري ما قاله الثعلبي: آثامها وأجرامها، فيرتفع وينقطع الحرب لأن الحرب لا يخلو من الإثم في أحد الجانبين والفريقين، ثم قال: وقيل: حتى تضع الحرب آلتها وعدتها، وآلتهم وأسلحتهم فيمسكوا عن الحرب، والحرب القوم المحاربون كالركب، وقيل: معناه حتى يضع القوم المحاربون أوزارها وآثامها بأن يتوبوا من كفرهم ويؤمنوا بالله ورسوله انتهى. فعرفت من هذا أن لكل من كلام البخاري. وكلام ابن التين وجها.
عرفها بينها أشار به إلى قوله تعالى: * (ويدخلهم الجنة عرفها لهم) * (محمد: 6) وفسر: (عرفها) بقوله: (بينها) وقال الثعلبي: أي بين لهم منازلهم فيها حتى يهتدوا إليها ودرجاتهم التي قسم الله لا يخطئون ولا يستدلون عليها أحدا كأنهم سكانها منذ خلقوا.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»