عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٤٣
1 ((باب قوله: * (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) * (الزمر: 35)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (قل يا عبادي الذين أسرفوا) * الآية... اختلفوا في سبب نزول هذه الآية، فعن ابن عباس: نزلت في أهل مكة، قالوا: يزعم محمد أنه من قتل النفس التي حرمها الله وعبد الأوثان لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا مع الله آلها آخر وقتلنا النفس التي حرمها الله؟ فأنزل الله هذه الآية، وعنه أنها نزلت في وحشي قاتل حمزة، وعن قتادة: ناس أصابوا ذنوبا عظيمة في الجاهلية، فلما جاء الإسلام اشفقوا أن لا يتاب عليهم فدعاهم الله تعالى بهذه الآية إلى الإسلام. وعن ابن عمر: نزلت في عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا قد أسلموا ثم فتنوا وعذبوا فافتتنوا فكنا نقول: لا يقبل الله منهم صرفا ولا عدلا أبدا، قوم أسلموا ثم تركوا دينهم لعذاب عذبوا به، فنزلت.
0184 حدثني إبراهيم بن موساى أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال يعلاى أن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا وأكثروا فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل: * (والذين لا يدعون مع الله إلاها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون) * (الفرقان: 86). ونزل: * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا) *.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن إبراهيم بن دينار وغيره، وأخرجه أبو داود في الفتن عن أحمد بن إبراهيم. وأخرجه النسائي في المحاربة وفي التفسير عن الحسن بن محمد الزعفراني.
قوله: (قال يعلى)، أي قال: قال يعلى، سقط خطأ وثبت لفظا، ويعلى هو ابن مسلم بن هرمز روى عنه ابن جريج في: (الصحيحين): قال صاحب (التوضيح): يعلى هذا هو ابن حكيم كما ذكره أبو داود مصرحا به في إسناده، وقال الكرماني: إعلم أن يعلى بن مسلم ويعلى بن حكيم كليهما يرويان عن سعيد بن جبير، وابن جريج يروي عنهما، ولأقدح في الإسناد بهذا الالتباس لأن كلا منهم على شرط البخاري. قلت: أما صاحب (التوضيح): فإنه نسب إلى أبي داود أنه صرح بأنه يعلى بن حكيم وليس كما ذكره فإنه لم يصرح به في إسناده بل ذكره البخاري من غير نسبة، وأما الكرماني فإنه سلك طريق السلامة ولم يجزم بأحد يعليين، ولا خلاف أنه يعلى بن مسلم ههنا، ويؤيده أن الحافظ المزي ذكر في (الأطراف): على رأس هذا الحديث أنه يعلى ابن مسلم، كما وقع به مصرحا عند مسلم. قوله: (إن ناسا من أهل الشرك) أخرج الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس أن السائل عن ذلك هو وحشي بن حرب. قوله: (أن لما)، أي: الذي (عملناه كفارة) نصب على إنه اسم: إن تقدم عليه الخبر.
2 ((باب قوله: * (وما قدروا الله حق قدره) * (الزمر: 76)) أي: هذا باب في بيان قوله عز وجل: وليس في بعض النسخ لفظ: باب. قوله: * (وما قدروا الله) * أي: ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به.
1184 حدثنا آدم حدثنا شيبان عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله رضي الله عنه قال جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»