عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٣١٠
المثلات واحدها مثلة وهي الأشباه والأمثال أشار به إلى قوله تعالى: * (وقد خلت من قبلهم المثلات) * (الرعد: 6) أي: وقد مضت من قبلهم من الأمم التي عصت ربها، وكذبت رسلها بالعقوبات، والمثلات واحدها مثلة، بفتح الميم وضم الثاء مثل صدقة وصدقات، وفسر المثلات بقوله: (وهي الأشباه والأمثال) وروي الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: (المثلات) قال: الأمثال: ومن طريق معمر عن قتادة قال: المثلات العقوبات، ومن طريق زيد بن أسلم قال: المثلات ما مثل الله به من الأمم من العذاب، وسكن يحيى بن وثاب الثاء في قراءته وضم الميم، وقرأ طلحة بن مصرف بفتح الميم وسكون الثاء، وقرأ الأعمش بفتحهما وفي رواية عن أبي بكر ابن عياش ضمهما، وبه قرأ عيسى بن عمر.
بمقدار بقدر أشار به إلى قوله تعالى: * (وكل شيء عنده بمقدار) * (الرعد: 8) وفسره بقوله: (بقدر) والمقدار على وزن: مفعال معناه: بحد لا يجاوزه ولا ينقص عنه، وعن ابن عباس: مقدار كل شيء مما يكون قبل أن يكون وكلما هو كائن إلى يوم القيامة.
معقبات ملائكة حفظة تعقب الأولى منها الأخرى ومنه قيل العقيب يقال عقبت في إثره أشار به إلى قوله تعالى: * (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) * (الرعد: 11) وفي رواية أبي ذر، يقال: معقبات فسرها بقوله: ملائكة حفظة يتعاقبون بالليل والنهار، فإذا صعدت ملائكة النهار عقبتها ملائكة الليل، والتعقيب العود بع البدء قوله: (له المعقبات) أي: لله تعالى معقبات، وعن ابن عباس: له معقبات يعني لمحمد من الرحمن حرس من بين يديه ومن خلفه يحفظونه. يعني: من شر الإنس والجن ومن شر طوارق الليل والنهار، وقيل الضمير في له، يرجع إلى الإنسان، والمعقبات جمع معقبة، والمعقبة جمع معقب، فالمعقبات جمع الجمع كما قيل: ابناوات سعد ورجالات بكر، قاله الثعلبي، وقيل: المعقبات الخدم والحرس حول السلطان، وقيل: ما يتعقب من أوامر الله وقضاياه. قوله: (يحفظونه) أي: يحفظون المستخفي بالليل والسارب بالنهار قوله: (من أمر الله) أي: يحفظونه بأمر الله من أمر الله فإذا جاء القدر خلوا عنه وعن ابن عباس يحفظونه من أمر الله ما لم يجيء القدر قوله: (ومنه) قيل: العقيب، أي، ومن أصل معقبات يقال: العقيب، وهو الذي يأتي في عقب الشيء، وفي بعض النسخ، ومنه العقب، بلا ياء بمعناه، وعقب الرجل نسله. قوله: (يقال: عقب في إثره) بتشديد القاف في ضبط الدمياطي بخطه، وقال ابن التين: هو بفتح القاف وتخفيفها، قال: وضبطه بعضهم بتشديدها، وفي بعض النسخ بكسرها، ولا وجه له إلا أن يكون لغة.
المحال العقوبة أشار به إلى قوله تعالى: * (وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) * (الرعد: 13) وفسره بقوله: العقوبة، وعن علي، رضي الله تعالى عنه: شديد الأخذ، وعن مجاهد، شديد القوة، وعن الحسن: شديد المماحلة والمماكرة والمغالبة، وعن مجاهد في رواية: شديد انتقام.
كباسط كفيه إلى الماء ليقبض على الماء أشار به إلى قوله تعالى: * (لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو بالغه) * (الرعد: 14) قوله: (لا يستجيبون)، يعني: الذين يشركون ويدعون الأصنام من دون الله لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه أي: إلا كما ينفع باسط كفيه إلى الماء من العطش ليقبضه حتى يؤديه إلى فمه فلا يتم له ذلك ولا يجمعه، وعن علي، رضي الله تعالى عنه، يعني: كالرجل العطشان الجالس على شفير الماء ويمد يديه إلى البئر فلا يبلغ قعرها فلا يبلغ إلى الماء والماء لا ينزو ولا يرتفع إلى يده، كذلك لا ينفعهم ما كانوا يدعون من دون الله عز وجل. والعرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه طلب ما لا يجده مثلا بالقابض على الماء، لأن القابض على الماء لا يحصل شيء في يده.
رابيا من ربا يربو أشار به إلى قوله عز وجل: * (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا) * (الرعد: 17) وأشار بقوله: (رابيا) إلى أن
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 » »»