أي: هذا باب في بيان قتل أبي جهل، أي: في كيفية قتله، وهذه الترجمة ثبتت لغير أبي ذر، قيل: سقوطها أوجه لأن فيه هلاك غير أبي جهل أيضا. قلت: وفي بعض النسخ أيضا: باب قتل أبي جهل وغيره، فعلى هذا ثبوتها أوجه.
3961 حدثنا ابن نمير حدثنا أبو أسامة حدثنا إسماعيل أخبرنا قيس عن عبد الله رضي الله تعالى عنه أنه أتى أبا جهل وبه رمق يوم بدر فقال أبو جهل هل أعمد من رجل قتلتموه.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وابن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير، وقد مر غير مرة، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وإسماعيل هو ابن أبي خالد الأحمسي البجلي والحديث من أفراده.
قوله: (رمق) وهو بقية الروح يتردد في الحلق. قوله: (هل أعمد من رجل؟) أي: هل أعجب من رجل قتله قومه؟ يعني: ليس قتلكم لي إلا قتل رجل قتله قومه، لا يزيد على ذلك ولا هو فخر لكم ولا عار علي، يقال: أنا أعمد من كذا، أي: أعجب منه، وقيل: أعمد، بمعنى: أغضب، من قولهم: عمد عليه إذا غضب، والحاصل أنه يهون على نفسه ما حل به من الهلاك وأنه ليس بعار عليه أن يقتله قومه، وقال السهيلي: هو عندي من قولهم: عمد البعير يعمد، إذا انفضح سنامه فهلك، أي: أهلك من رجل قتله قومه. وقال أبو عبيد: معناه: هل زاد على سيده قتله قومه؟ وعن عبيدة: أي هل كان ذلك إلا هذا؟ يقول: إن هذا ليس بعار علي وفي (تهذيب) الأزهري: قال شمر: هذا استفهام أي: أعجب من رجل قتله قومه، وقد ذكرنا هذا.
3962 حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا سليمان التيمي أن أنسا حدثهم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ح وحدثني عمرو بن خالد حدثنا زهير عن سليمان التيمي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من ينظر ما صنع أبو جهل فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد قال أأنت أبو جهل قال فأخذ بلحيته قال وهل فوق رجل قتلتموه أو رجل قتله قومه قال أحمد بن يونس أنت أبو جهل.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأخرجه من طريقين: أحدهما عن أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي عن زهير بن معاوية الجعفي الكوفي عن سليمان بن طرخان التيمي البصري عن أنس. وأخرجه مسلم في المغازي أيضا عن علي بن حجر وعن حامد بن عمر. والآخر: عن عمرو بن خالد الجزري، سكن مصر عن زهير... إلى آخره، وقال الكرماني: الحديث من مراسيل الصحابة، لأن الأصح أن أنسا لم يشهد بدرا، قلت: قد ذكرنا عن قريب عن أبي داود أنه روى بإسناد صحيح عن أنس أنه قال: كنت أمنح الماء لأصحابي يوم بدر.
قوله: (ابنا عفراء)، يعني: معاذا ومعوذا، وفي (صحيح مسلم): أن للذين قتلاه: معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء، وهو ابن الحارث بن رفاعة بن سواد، وعفراء أمه، وهي ابنة عبيد بن ثعلبة النجارية، وكذلك تقدم في كتاب الجهاد في: باب من لم يخمس الأسلاب أن معاذ بن عمرو هو الذي قطع رجل أبي جهل وصرعه ثم ضربه معوذ بن عفراء حتى أثبته ثم تركه وبه رمق فدفق عليه عبد الله بن مسعود واحتز رأسه. فإن قلت: ما وجه الجمع بين هذه الأقاويل؟ قلت: لعل القتل كان بفعل الكل فأسند كل راو إلى ما رآه من الضرب أو من زيادة الأثر على حسب اعتقاده. قوله: (حتى برد)، بفتحتين أي: حتى مات. قوله: (قال)، أي: ابن مسعود: أنت أبو جهل؟ هذا على أصل رواية المستملي وحده، وفي رواية الأكثرين: أنت أبا جهل، بالنصب على النداء أي: أنت مصروع يا أبا جهل، أو هو على مذهب من يقول: ولو ضربه يا أبا قبيس، أو تقديره: أنت تكون أبا جهل؟ وخاطبه بذلك مقرعا له ومتشفيا منه، لأنه كان يؤذيه بمكة أشد الأذى، وعند أبي إسحاق والحاكم من حديث ابن عباس، قال ابن مسعود: فوجدته بآخر رمق فوضعت رجلي على عنقه، فقلت: أخزاك الله يا عدو الله، قال: وبما أخزاني؟ هل أعمد من رجل قتلتموه؟ وقال عياض: إن ابن مسعود إنما