عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ٢٤٦
عمر أنه قال: لو كان سالم حيا ما جعلتها شورى. قال أبو عمر: هذا عندي على أنه كان يصدر فيها عن رأيه، والله أعلم. قال: وكان أبو حذيفة قد تبنى سالما، فكان ينسب إليه، ويقال: سالم بن أبي حذيفة حتى نزلت: * (ادعوهم لآبائهم) * (الأحزاب: 5). وكان سالم عبد الثبيتة بنت يعار بن زيد بن عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف الأنصارية، كانت من المهاجرات الأولى، ومن فضلاء نساء الصحابة. قلت: ثبيتة، بضم الثاء المثلثة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفتح التاء المثناة من فوق، وقيل: اسمها عمرة بنت يعار، وعن ابن إسحاق: اسمها سلمى بنت يعار، ويعار، بضم الياء آخر الحروف وفتحها وبالعين المهملة، وقال أبو عمر: شهد سالم مولى أبي حذيفة بدرا، وقتل يوم اليمامة شهيدا هو ومولاه أبو حذيفة، فوجد رأس أحدهما عند رجلي الآخر، وذلك سنة اثنتي عشرة من الهجرة، وأما أبو حذيفة فاختلف في اسمه، فقيل: مهشم، وقيل: هشيم، وقيل: هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي، كان من فضلاء الصحابة من المهاجرين الأولين، جمع الله له الشرف والفضل، صلى القبلتين وهاجر الهجرتين وكان إسلامه قبل دخول رسول الله، صلى الله عليه وسلم دار الأرقم للدعاء فيها إلى الإسلام، وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية والمشاهد كلها، وقتل يوم اليمامة شهيدا كما ذكرناه الآن وهو ابن ثلاث أو أربع وخمسين سنة.
8573 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن مسروق قال ذكر عبد الله عند عبد الله بن عمر و فقال ذاك رجل لا أزال أحبه بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول استقرؤا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود فبدأ به وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل قال لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ..
مطابقته للترجمة في قوله: (وسالم مولى أبي حذيفة) وإبراهيم هو النخعي، ومسروق هو ابن الأجدع.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في مناقب أبي بن كعب عن أبي الوليد، وفي فضائل القرآن عن حفص بن عمرو في مناقب معاذ بن جبل عن محمد بن بشار وفي مناقب عبد الله بن مسعود عن حفص بن عمر. وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن جماعة آخرين. وأخرجه الترمذي في المناقب عن هناد، وأخرجه النسائي فيه وفي فضائل القرآن عن بشر بن خالد وعن آخرين.
قوله: (ذكر)، على صيغة المجهول. قوله: (عبد الله)، أراد به عبد الله بن مسعود. قوله: (استقرئوا)، أي: اطلبوا القراءة من أربعة أنفس. قوله: (من عبد الله...) إلى آخره، بيان للأربعة. قوله: (فبدأ به) أي: بعبد الله بن مسعود، والتقديم يفيد الاهتمام بالمقدم وتفضيله على غيره، ووجه تخصيص هؤلاء الأربعة أنهم كانوا أكثر ضبطا للفظ القرآن وأتقن للأداء، وإن كان غيرهم أفقه في المعالي منهم، وقيل: لأنهم تفرغوا لأخذه منه مشافهة، وقيل: لأنه يؤخذ منهم، وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم، أراد الإعلام بما يكون بعده، وهذا لا يدل على أن غيرهم لم يجمعه. قوله: (أو بمعاذ)، ويروى: أو بمعاذ بن جبل.
72 ((باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه)) أي: هذا باب في بيان مناقب عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن مخزوم، ويقال: ابن شمخ بن فار بن مخزوم ابن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو عبد الرحمن الهذلي، وأمه أم عبد بنت عبد ود بن سواد من هذيل أيضا، أسلمت وصحبت وأبوه مات في الجاهلية، وعبد الله أسلم قديما، وقد روى ابن حبان من طريقه أنه كان سادس ستة في الإسلام، وهاجر الهجرتين وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب نعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرناه عن قريب، مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة، وقيل: مات بالكوفة، والأول أصح.
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»