في قوله وعمله. قوله: * (ولم يمسسني بشر) * أي: لم يصبني رجل. قوله: * (إذا قضى أمرا) * أي: إذا أراد تكوينه * (فإنما يقول له كن فيكون) *، لا يتأخر من وقته بل يوجد عقيب الأمر بلا مهلة.
يبشرك ويبشرك واحد الأول: من باب نصر ينصر، وهو قراءة حمزة والكسائي، والثاني: من باب التفعيل من التبشير، والبشير هو الذي يخبر المرء بما يسره من خير ولا يستعمل في الشر إلا تهكما.
وجيها شريفا فسر وجيها الذي في قوله تعالى: * (وجيها في الدنيا والآخرة) * (آل عمران: 54). بقوله: شريفا، وقد مر تفسيره عن قريب، وانتصابه على الحال.
وقال إبراهيم المسيح الصديق أي: قال إبراهيم النخعي المسيح الصديق، وكذا فسره سفيان الثوري بإسناده إلى إبراهيم، وفيه معان أخر نذكرها الآن، فإن قلت: الدجال أيضا سمى بالمسيح؟ قلت: أما معناه في عيسى، عليه الصلاة والسلام، ففيه أقوال تبلغ ثلاثة وعشرين قولا ذكرناها في كتابنا (زين المجالس). منها: ما قيل إن أصله المسيح على وزن مفعل، فأسكنت الياء ونقلت حركتها إلى السين طلبا للخفة، وعن ابن عباس: كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ ولا ميتا إلا حيى، وعنه: لأنه كان أمسح الرجل ليس لها أخمص، والأخمص من لا يمس الأرض من باطن الرجل، وعن أبي عبيدة: أظن أن هذه الكلمة: مشيخا، بالشين المعجمة فعربت، وكذا تنطق به اليهود، وقيل: لأنه خرج من بطن أمه كأنه ممسوح بالدهن، وقيل: لأن زكريا، عليه الصلاة والسلام، مسحه. وقيل: لحسن وجهه إذ المسيح في اللغة جميل الوجه، لأنه كان يمسح الأرض لأنه قد يكون تارة في البلدان وتارة في المفاوز والفلوات، وقال الداودي: لأنه كان يلبس المسوح. وأما معناه في الدجال، فقيل: لأنه كان يمسح الأرض أي يقطعها. فإن قلت: قد ذكرت هذا المعنى في عيسى، عليه الصلاة والسلام؟. قلت: إنه كان في هذا الوجه اشتراك بحسب الظاهر لأن المسيح في عيسى بمعنى الممسوح عن الآثام وعن كل شيء فيه قبح، فعيل بمعنى مفعول، وفي الدجال: فعيل بمعنى فاعل، لأنه يمسح الأرض، وقيل: لأنه لا عين له ولا حاجب، وقال ابن فارس: مسيح أحد شقي وجهه ممسوح لا عين له ولا حاجب، فلذلك سمي به. وقيل: المسيح الكذاب وهو مختص به لأنه أكذب البشر، فلذلك خصه الله بالشوه والعور، وقيل: المسيح المارد الخبيث وهو أيضا مختص به بهذا المعنى، ويقال فيه: مسيخ، بالخاء المعجمة لأنه مشوه مثل الممسوخ، ويقال فيه: مسيح بكسر الميم وتشديد السين للفرق بينه وبين المسيح ابن مريم، عليه الصلاة والسلام.
وقال مجاهد الكهل الحليم كذا قاله مجاهد في قوله: * (وكهلا ومن الصالحين) * (آل عمران: 64). وقال أبو جعفر النحاس: هذا لا يعرف في اللغة، وإنما الكهل عندهم من ناهز الأربعين أو قاربها، وقيل: من جاوز الثلاثين، وقيل: الكهل ابن ثلاث وثلاثين.
والأكمه من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل أشار به إلى ما في قوله تعالى حكاية عن عيسى، عليه الصلاة والسلام: * (وأبرىء الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله) * (آل عمران: 94). وقيل بعكسه، وقيل: هو الأعشى، وقيل: الأعمش.
وقال غيره من يولد أعماى أي: قال غير مجاهد: الأكمه هو الذي يولد أعمى، وهو الأشبه لأنه أبلغ في المعجزة وأقوى في التحدي.
3343 حدثنا آدم حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت مرة الهمداني يحدث